فصل: (الْفَصْلُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْإِجَارَاتِ وَالْمُزَارَعَاتِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْفَصْلُ الْعَاشِرُ فِي السَّلَمِ):

اعْلَمْ بِأَنَّ الْمِثَالَ فِي صُكُوكِ السَّلَمِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ (أَحَدُهَا) هَذَا مَا أَسْلَمَ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ كَذَا دِرْهَمًا يُبَيِّنُ النَّقْدَ وَيَقُولُ عَيْنًا حَاضِرَةً فِي الْمَجْلِسِ فِي كَذَا وَكَذَا قَفِيزًا مِنْ حِنْطَةٍ بَيْضَاءَ نَقِيَّةٍ سَقِيَّةٍ مِمَّا سُقِيَ سَيْحًا أَيْ مَاءً جَارِيًا جَيِّدَةٍ بِالْقَفِيزِ الَّذِي يُكَالُ بِهِ فِي بَلَدِ كَذَا إلَى أَجَلِ كَذَا مِنْ لَدُنْ تَارِيخِ هَذَا الذِّكْرِ سَلَمًا صَحِيحًا جَائِزًا لَا شَرْطَ فِيهِ وَلَا خِيَارَ وَلَا فَسَادَ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَيْهِ بَعْدَ مَحِلِّهَا الْمَوْصُوفِ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي مَنْزِلِهِ فِي مِصْرِ كَذَا وَقَبِلَ هَذَا الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ مِنْ رَبِّ السَّلَمِ مُوَاجَهَةً وَقَبَضَ جَمِيعَ الدَّرَاهِمِ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ قَبْلَ افْتِرَاقِهِمَا وَقَبْلَ اشْتِغَالِهِمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ تَفَرُّقَ الْأَبْدَانِ عَنْ صِحَّةٍ وَتَرَاضٍ مِنْهُمَا بِمَوَاجِبِ هَذَا الْعَقْدِ وَانْعِقَادِهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَلَا يَذْكُرُ فِيهِ ضَمَانَ الدَّرْكِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ غَيْرُ مَقْبُوضٍ (وَالْوَجْهُ الثَّانِي) أَنْ يَكْتُبَ إقْرَارَهُمَا فَيَكْتُبَ: هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَهُ شَهِدُوا جَمِيعًا أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا أَقَرَّا عِنْدَهُمْ أَنَّ فُلَانًا أَسْلَمَ إلَى فُلَانٍ ثُمَّ يَخْتِمُ الْكِتَابَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ.
(وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ) أَنْ يَبْدَأَ بِإِقْرَارِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَيَعْطِفَ عَلَيْهِ تَصْدِيقَ رَبِّ السَّلَمِ إيَّاهُ فِي هَذَا الْإِقْرَارِ.
وَإِنَّمَا كَتَبْنَا نَقِيًّا وَلَمْ نَكْتُبْ نَقِيًّا مِنْ الْعَصْفِ وَالْمَدَرِ وَالْغَلَثِ وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ (جودره) كَمَا كَانَ يَكْتُبُهُ مُتَقَدِّمُو أَصْحَابِ الشُّرُوطِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ نَقِيًّا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَا يَكُونُ نَقِيًّا مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْأَخْلَاطِ مِمَّا يَكُونُ أَخْلَاطُهُ بِهِ عَيْبًا وَالنَّقَاءُ الْمُطْلَقُ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلٍّ وَلَمْ نَكْتُبْ حَدِيثَ عَامِّهِ كَمَا كَانَ يَكْتُبُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إيهَامَ أَنَّهُ أَسْلَمَ فِي قَمْحٍ يَحْدُثُ مِنْ بَعْدُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ وَقْتَ وُقُوعِ السَّلَمِ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي مُخْتَلِفَيْ النَّوْعِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ رَأْسِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَمَا كَانَ مِنْ الْإِسْلَامِ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَلْحَقْتَ بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ لِصِحَّتِهِ عَلَى مَا عُرِفَ قَبْلَ هَذَا.
(وَالْأَجْنَاسُ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا) مِنْهَا الْأَوَانِي الصِّفْرِيَّةُ وَالشَّبَهِيَّةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ كَذَا عَدَدًا مِنْ الْمُشَمَّعَةِ الْمَضْرُوبَةِ مِنْ الشَّبَهِ الْمُنَقَّشَةِ الْبُخَارِيَّةِ وَزْنُهَا كَذَا بِوَزْنِ بُخَارَى أَوْ مِنْ الْمُشَمَّعَةِ الشِّبَهِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ بِخَيْزُرَانَ أَمَّا الْقُمْقُمَةُ فَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْقُمْقُمَةِ الْمَعْرُوفَةِ ببرنج كَذَا الْكِبَارُ مِنْهَا كَذَا عَدَدًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَذَا مَنًّا بِوَزْنِ أَهْلِ بُخَارَى يَسَعُ كُلُّ قُمْقُمَةٍ مِنْهَا كَذَا مَنًّا مِنْ الْمَاءِ.
وَالْكِبَارُ مَعْرُوفَةٌ بِالسَّمَرْقَنْدِيَّةِ وَالصِّغَارُ مِنْهَا كَذَا وَزْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَذَا مَنًّا بِوَزْنِ أَهْلِ بُخَارَى وَيَسَعُ كَذَا مَنًّا مِنْ الْمَاءِ وَعَلَى هَذَا الطِّسَاسُ والفنجانات أَمَّا الْحَدِيدِيَّةُ فَمِنْهَا كَذَا عَدَدًا مِنْ الْمُرُورِ الْمَضْرُوبَةِ مِنْ الْحَدِيدِ الذَّكَرِ الْمَعْرُوفِ.
(ببولاد) وَمِنْ الْحَدِيدِ الْمَعْرُوفِ (بنرم آهن) الصَّالِحَةِ لِعَمَلِ الْحِرَاثَةِ كُلُّ مَرٍّ مِنْهَا كَذَا مَنًّا بِوَزْنِ أَهْلِ بُخَارَى كُلُّهَا مَفْرُوغٌ عَنْهَا وَالْمِسْحَاةُ عَلَى هَذَا أَمَّا الزُّجَاجِيَّةُ فَمِنْهَا طَابِقَاتُ الطارم كَذَا عَدَدًا مِنْ الطَّابِقَاتِ الزُّجَاجِيَّةِ الصَّالِحَةِ للطارم قُطْرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا شِبْرُ كُلِّ عَشْرٍ مِنْهَا مَنَوَانِ أَوْ ثَلَاثَةُ أَمْنَاءَ عَلَى حَسَبِ مَا يَكُونُ مِنْ الطَّابِقَاتِ الْمَعْرُوفَةِ (بكليداني) كُلُّ عَشْرَةٍ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَمْنَاءَ بِوَزْنِ أَهْلِ بُخَارَى قُطْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا نِصْفُ ذِرَاعٍ بِذُرْعَانِ أَهْلِ بُخَارَى وَمِنْ الْخُمَاسِيَّاتِ كَذَا عَدَدًا وَيَصِفُهَا بِمَا يَكُونُ وَصْفُهَا فِي أَلْسِنَةِ الزَّجَّاجِينَ كُلُّ عَشْرَةٍ مِنْهَا كَذَا مَنًّا يَسَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَذَا مَنًّا مِنْ الْمَائِعِ وَمِنْ الْقِرْبَاتِ كَذَا عَدَدًا مِنْ الْقِرْبَاتِ الزُّجَاجِيَّةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا نِصْفُ مَنٍّ أَوْ عَشْرَةُ أَسَاتِيرَ أَوْ مَنٌّ وَاحِدٌ يَسَعُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا كَذَا مَنًّا مِنْ الْمَائِعِ أَمَّا الْقَارُورَاتُ فَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْقَارُورَاتِ الزُّجَاجِيَّةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا نِصْفُ مَنٍّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
وَأَمَّا الْقِبَابُ كَذَا عَدَدًا الْكِبَارُ الْمَعْرُوفَةُ (بشش تانكى) كَذَا قُطْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ذِرَاعٌ وَاحِدَةٌ وَنِصْفُ ذِرَاعٍ كَمَا يَكُونُ وَالْأَوْسَاطُ الْمَعْرُوفَةُ (بجهار تانكى) كَذَا قُطْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ذِرَاعٌ كُلُّهَا مَفْرُوغٌ عَنْهَا وَالصِّغَارُ عَلَى هَذَا وَمِنْ الْأَوَانِي الْخَزَفِيَّةِ فَمِنْهَا كَذَا عَدَدًا مِنْ الْكِيزَانِ الْخَزَفِيَّةِ الوركشية الْمَعْرُوفَةِ بِالْفِنْجَانِ وَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْكِيزَانِ الْمَعْرُوفَةِ.
(بدو كانى اوسه كانى) وَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْأَوْسَاطِ الْمَعْرُوفَةِ (بكا سفراك) وَكَذَا عَدَدًا مِنْ الصِّغَارِ الْمَعْرُوفَةِ بِكَذَا وَكُلُّهَا عَدَدِيَّاتٌ مُتَقَارِبَةٌ لَا يَجْرِي فِيهَا تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ أَمَّا الْغِطَاءُ فَهُوَ مَا يُغَطَّى بِهِ رَأْسُ التَّنُّورِ الْمُثَفَّى فَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْغِطَاءِ الْخَزَفِيِّ الوركشي الصَّالِحِ لِلْوَضْعِ عَلَى رَأْسِ التَّنُّورِ قُطْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا كَذَا ذِرَاعًا بِذُرْعَانِ أَهْلِ بُخَارَى وَأَمَّا الْقِدْرُ فَتَصِفُهَا كَمَا وَصَفْنَا الْكِيزَانَ وَكَذَا الْجِرَارُ وَالْحِبَابُ عَلَى هَذَا، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ..

.(الْفَصْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الشُّفْعَةِ):

قَالَ فِي الْأَصْلِ إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ دَارًا وَقَبَضَهَا وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَلَهَا شَفِيعٌ فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ كِتَابًا كَيْفَ يَكْتُبُ؟ فَنَقُولُ: إنَّمَا يَكُونُ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ طَلَبٍ صَحِيحٍ.
وَالطَّلَبُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ، طَلَبُ مُوَاثَبَةٍ وَطَلَبُ إشْهَادٍ وَتَقْرِيرٍ وَطَلَبُ تَمْلِيكٍ فَإِذَا أَتَى بِهَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الطَّلَبِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَإِذَا طَلَبَ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ فَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ بِذَلِكَ كِتَابًا لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ فَإِنَّهُ يَكْتُبُ هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ الْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الذِّكْرِ أَنَّ فُلَانًا كَانَ اشْتَرَى مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ فِي مَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا بِكَذَا شِرَاءً صَحِيحًا وَقَبَضَ الدَّارَ وَنَقَدَ الثَّمَنَ وَأَنَّ فُلَانًا شَفِيعَ هَذِهِ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ بِكَذَا يَذْكُرُ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِهِ لِلشُّفْعَةِ فَإِنَّ الشَّفِيعَ هَذَا أَوَّلُ مَا أُخْبِرَ بِشِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ بِهَذَا الثَّمَنِ طَلَبَ الشُّفْعَةَ سَاعَتَئِذٍ طَلَبَ مُوَاثَبَةٍ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ وَلَا لُبْثٍ طَلَبًا صَحِيحًا.
وَقَالَ أَنَا طَالِبٌ لِشُفْعَتِي فِي هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ بِسَبَبِ كَذَا فَهَذَا هُوَ تَمَامُ هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذَا الْكِتَابِ اسْمَ مُشْتَرِي الدَّارِ وَاسْمَ بَائِعِهَا وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ الْبَائِعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجُوزُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ بَعْدَ الْقَبْضِ الْخُصُومَةَ مَعَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ إلَّا أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ بَعْدَ الْقَبْضِ أَخَذَ الشُّفْعَةَ مِنْهُمَا فَذَكَرْنَا اسْمَهُمَا تَحَرُّزًا عَنْ قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ وَذَكَرَ فِيهِ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْأَسْبَابَ مُخْتَلِفَةٌ وَالْعُلَمَاءُ مُخْتَلِفُونَ فِيهَا فَعِنْدَ بَعْضِهِمْ الشُّفْعَةُ بِالْأَبْوَابِ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ بِجِوَارِ الْمُقَابَلَةِ وَعِنْدَنَا بِجِوَارِ الْمُلَاصَقَةِ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الشُّفْعَةُ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْجِوَارِ أَصْلًا وَعِنْدَنَا الشُّفْعَةُ تُسْتَحَقُّ عَلَى مَرَاتِبَ، أَوَّلًا تُسْتَحَقُّ بِالشَّرِكَةِ فِي عَيْنِ الْبُقْعَةِ ثُمَّ بِالشَّرِكَةِ فِي حُقُوقِ الْمِلْكِ وَهُوَ الطَّرِيقُ ثُمَّ بِالْجِوَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيَّنَ حَتَّى يَعْلَمَ الْقَاضِي هَلْ هُوَ مَحْجُوبٌ بِغَيْرِهِ وَكَتَبَ أَوَّلَ مَا أُخْبِرَ بِشِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ وَلَمْ يَكْتُبْ حِينَ عَلِمَ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ حَقِيقَةً لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ وَحَقُّ الشُّفْعَةِ يَسْقُطُ إذَا لَمْ يُطْلَبْ عِنْدَ إخْبَارِ مَنْ دُونَهُمْ فَإِنَّ الْمُخَبِّرَ إذَا كَانَ رَسُولًا وَهُوَ عَدْلٌ أَوْ فَاسِقٌ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ صَغِيرٌ أَوْ بَالِغٌ وَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ فَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَإِذَا كَانَ الْمُخَبِّرُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إذَا أَخْبَرَهُ بِالْبَيْعِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عُدُولٌ وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ.
وَرَوَى مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إذَا وُجِدَ فِي الْمُخَبِّرِ أَحَدُ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ إمَّا الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ وَلَمْ يَطْلُبْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- إذَا أَخْبَرَهُ وَاحِدٌ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَ هَذَا الْوَاحِدُ وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ إذَا ظَهَرَ صِدْقُ هَذَا الْمُخَبِّرِ فَكَتَبْنَا أَوَّلَ مَا أُخْبِرَ حَتَّى لَا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُ تَرَكَ الطَّلَبَ عِنْدَ إخْبَارِ الْوَاحِدِ أَوْ الْمَثْنَى وَتَوَقَّفَ إلَى وَقْتِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ وَقَدْ يَطْلُبُ شُفْعَتَهُ وَكَتَبْنَا أَوَّلَ مَا أُخْبِرَ حَتَّى لَا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُ أُخْبِرَ مَرَّةً وَلَمْ يَطْلُبْ ثُمَّ أُخْبِرَ ثَانِيًا وَطَلَبَ، وَهَذَا الطَّلَبُ لَا يَصِحُّ فَكَتَبْنَا ذَلِكَ لِقَطْعِ هَذَا الْوَهْمِ وَكَتَبْنَا طَلَبَ الشُّفْعَةَ سَاعَتَئِذٍ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مُدَّةِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَوْ لَمْ يَطْلُبْ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ.
وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ وَقَّتَهُ بِمَجْلِسِ الْعِلْمِ وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَلَوْ اقْتَصَرْنَا عَلَى أَنَّهُ طَلَبَ طَلَبًا صَحِيحًا بِمَا يَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ أَنَّهُ لَمْ يَطْلُبْ عَلَى الْفَوْرِ وَطَلَبَ بَعْدَ ذَلِكَ وَوَصَفَهُ الْكَاتِبُ بِالصِّحَّةِ مُتَأَوِّلًا قَوْلَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ كَتَبْنَا لَفْظَ طَلَبَ الشُّفْعَةَ وَالْمَشَايِخُ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ عَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ إذَا طَلَبَ بِأَيِّ لَفْظٍ عُرِفَ فِي مُتَعَارَفِ النَّاسِ أَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ الطَّلَبَ أَنَّهُ يَصِحُّ بِأَنْ قَالَ: طَلَبْتُ، أَطْلُبُ، أَنَا طَالِبٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْإِشْهَادُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَكَذَلِكَ حَضْرَةُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ الدَّارِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ.
ثُمَّ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ يَحْتَاجُ إلَى طَلَبِ الْإِشْهَادِ وَالتَّقْرِيرِ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّةِ هَذَا الطَّلَبِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ عِنْدَ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ، وَهَذَا الطَّلَبُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ أَحَدُ هَؤُلَاءِ أَمَّا إذَا كَانَ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ عِنْدَ أَحَدِ هَؤُلَاءِ يَكْتَفِي بِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَبٍ آخَرَ بَعْدَهُ سِوَى طَلَبِ التَّمْلِيكِ، وَمُدَّةُ هَذَا الطَّلَبِ مُقَدَّرَةٌ بِالتَّمَكُّنِ عِنْدَ حَضْرَةِ أَحَدِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ حَتَّى لَوْ تَمَكَّنَ وَلَمْ يَطْلُبْ بَطَلَ حَقُّهُ وَالْإِشْهَادُ فِي هَذَا الطَّلَبِ غَيْرُ لَازِمٍ حَتَّى لَوْ لَمْ يُشْهِدْ وَالْخَصْمُ اعْتَرَفَ بِهَذَا الطَّلَبِ كَفَاهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الطَّلَبُ بِحَضْرَةِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ عُرِفَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ، وَإِنْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَتَوَثَّقَ بِالْكِتَابَةِ لِطَلَبِ الْإِشْهَادِ كَتَبَ هَذَا كِتَابٌ فِيهِ ذِكْرُ مَا اشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ وَيَنْسَخُ كِتَابَ الشِّرَاءِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَهُ وَإِنَّ فُلَانًا- يَعْنِي الشَّفِيعَ- أَوَّلُ مَا أُخْبِرَ بِشِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ مِنْهُ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ طَلَبَ الشُّفْعَةَ سَاعَتَئِذٍ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ يَكْتُبُ بَعْدَ ذَلِكَ طَلَبَ الْإِشْهَادَ وَالتَّقْرِيرَ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ وَتَقْصِيرٍ بِحَضْرَةِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ وَيَذْكُرُ ذَلِكَ وَالْأَحْوَطُ أَنْ يَذْكُرَ الطَّلَبَ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ فَابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: الشَّفِيعُ يَأْخُذُ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ وَالْخُصُومَةُ مَعَهُ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَالشَّافِعِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولُ: يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْحَالَيْنِ وَالْخُصُومَةُ مَعَهُ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ.
وَعِنْدَنَا الْخُصُومَةُ مَعَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ الْخُصُومَةُ مَعَ الْمُشْتَرِي وَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ فَيَكْتُبُ الْآخِذَ مِنْهُمَا احْتِيَاطًا ثُمَّ إذَا طَلَبَ الشَّفِيعُ الطَّلَبَيْنِ فَإِنْ سَاعَدَهُ الْخَصْمُ عَلَى التَّسْلِيمِ فَقَدْ تَمَّ الْأَمْرُ وَانْتَهَى نِهَايَتَهُ وَإِنْ أَبَى التَّسْلِيمَ فَالشَّفِيعُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي وَيَطْلُبُ مِنْهُ الْقَضَاءَ بِالْمِلْكِ لَهُ بِسَبَبِ شُفْعَتِهِ فَإِنْ سَاعَدَهُ الْخَصْمُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَأَرَادَ الشَّفِيعُ وَثِيقَةَ كِتَابٍ فِي ذَلِكَ فَوَجْهُ كِتَابَتِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هَذَا كِتَابٌ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ- يَعْنِي الْمُشْتَرِيَ- لِفُلَانِ بْن فُلَانٍ- يَعْنِي الشَّفِيعَ- إنِّي كُنْتُ اشْتَرَيْتُ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَحُدُودُهَا كَذَا بِكَذَا مِنْ الثَّمَنِ وَيُتِمُّ حِكَايَةَ الشِّرَاءِ إلَى آخِرِهَا ثُمَّ يَكْتُبُ وَإِنَّكَ كُنْتَ شَفِيعَ هَذِهِ الدَّارِ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ أَوْ الْخُلْطَةِ أَوْ الْجِوَارِ وَحِينَ بَلَغَكَ أَوَّلُ خَبَرِ شِرَاءِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ طَلَبْتَ الشُّفْعَةَ طَلَبَ مُوَاثَبَةٍ وَطَلَبَ إشْهَادٍ وَيَكْتُبُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبَ الْإِشْهَادِ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا طَلَبًا صَحِيحًا يُوجِبُ الْحُكْمُ تَسْلِيمَهَا إلَيْكَ وَإِعْطَاءَهَا إيَّاكَ بِالشُّفْعَةِ فَأَعْطَيْتُكَهَا ثُمَّ يُتِمُّ الْكِتَابَ عَلَى حَسَبِ مَا تَبَيَّنَ.
وَاخْتَارَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي هَذَا: هَذَا مَا شَهِدَ عَلَيْهِ الشُّهُودُ وَالْمُسَمَّوْنَ آخِرَ هَذَا الْكِتَابَ شَهِدُوا أَنَّ فُلَانًا كَانَ بَاعَ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيَنْسَخُ صَكَّ الشِّرَاءِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الدَّارَ لَا يَذْكُرُ قَبْضَ الدَّارِ ثُمَّ يَكْتُبُ: وَإِنَّ فُلَانًا كَانَ شَفِيعًا لِهَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ فِيهِ شُفْعَةَ جِوَارِ هَذِهِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ لَزِيقُ أَحَدِ حُدُودِ هَذِهِ الدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ أَوْ يَقُولُ: شُفْعَةَ شَرِكَةٍ فَإِنَّ نِصْفَ هَذِهِ الدَّارِ مَشَاعًا مِلْكُهُ فَطَلَبُ الشُّفْعَةِ فِيهَا حِينَ عَلِمَ بِهَذَا الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ طَلَبًا صَحِيحًا بِمُوَاجَهَةِ هَذَيْنِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ طَلَبًا يُوجِبُ الْحُكْمُ تَسْلِيمَهَا إلَيْهِ وَإِعْطَاءَهَا بِالشُّفْعَةِ فَأَجَابَهُ إلَيْهَا هَذَانِ الْمُتَبَايِعَانِ فَأَعْطَاهُ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ هَذَا الْبَيْعُ بِجَمِيعِ هَذَا الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ إعْطَاءً صَحِيحًا لَا شَرْطَ فِيهِ وَلَا خِيَارَ وَلَا فَسَادَ وَقَبَضَ هَذَا الْبَائِعُ جَمِيعَ هَذَا الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِيهِ بِإِيفَاءِ هَذَا الشَّفِيعِ إيَّاهُ ذَلِكَ تَامًّا وَافِيًا وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ بِإِذْنِ هَذَا الْمُشْتَرِي الْمُسَمَّى فِيهِ لَهُ بِذَلِكَ وَقَبَضَ هَذَا الشَّفِيعُ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذَا الْبَيْعِ وَالْإِعْطَاءِ بِالشُّفْعَةِ بِتَسْلِيمِ هَذَا الْبَائِعِ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ فَارِغًا عَنْ كُلِّ مَانِعٍ وَمُنَازِعٍ بِإِذْنِ هَذَا الْمُشْتَرِي فَمَا أَدْرَكَ هَذَا الشَّفِيعُ مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى هَذَا الْبَائِعِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ فِي شُفْعَةِ الْجِوَارِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَلَا يَذْكُرُ ضَمَانَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالزَّرْعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا فِي الشُّفْعَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الدَّارَ وَنَقَدَ الثَّمَنَ فَلَا خُصُومَةَ مَعَ الْبَائِعِ وَإِنَّمَا الْخُصُومَةُ مَعَ الْمُشْتَرِي وَيَكْتُبُ هَذِهِ الْوَثِيقَةَ عَلَى إقْرَارِ الْمُشْتَرِي بِالشِّرَاءِ، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ مِنْهُ هَذَا إذَا كَانَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَإِنْ كَانَ الْأَخْذُ بِقَضَاءٍ يَكْتُبُ مَكَانَ قَوْلِهِ فَأَجَابَاهُ إلَيْهَا فَتَرَافَعُوا إلَى الْقَاضِي فُلَانٍ فَقَضَى بِثُبُوتِ هَذَا الْحَقِّ بَعْدَ خُصُومَةٍ صَحِيحَةٍ جَرَتْ بَيْنَهُمْ فَحَكَمَ عَلَيْهِمَا بِتَسْلِيمِ هَذِهِ الدَّارِ الْمَحْدُودَةِ إلَيْهِ بِحَقِّ هَذِهِ الشُّفْعَةِ فَأَعْطَيَاهُ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ هَذَا الْبَيْعُ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ.
(وَفِي طَلَبِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ) يَكْتُبُ وَكَانَ فُلَانٌ الصَّغِيرُ شَفِيعَ هَذِهِ الدَّارِ وَفِي الْقَضَاءِ بِالنُّكُولِ يَكْتُبُ وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ أَنْ جَحَدَ هَذَا الْمُشْتَرِي دَعْوَى هَذَا الشَّفِيعِ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الشُّفْعَةِ فَاسْتَحْلَفَهُ هَذَا الْقَاضِي عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ عِنْدَهُ مِرَارًا فَقَضَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ حَلَفَ الشَّفِيعُ بِاَللَّهِ مَا سَلَّمَ هَذِهِ الشُّفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي وَقَدْ أَشْهَدَ هُوَ عَلَى الطَّلَبِ فِي مَجْلِسِهَا الَّذِي بَلَغَهُ فِيهِ وَأَخَذَ فِي الْعَمَلِ فِي طَلَبِهَا وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا ذَكَرَهُ وَذَكَرَ أَنَّ الشَّفِيعَ نَقَدَ مِثْلَهُ لِلْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِعَبْدٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَأَخْذُ الشَّفِيعِ يَكُونُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ وَيَكْتُبُ فِي هَذِهِ الْوَثِيقَةِ فَأَوْجَبَ الْحُكْمُ الْأَخْذَ بِالْقِيمَةِ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا غِطْرِيفِيَّةً جَيِّدَةً بِتَقْوِيمِ الْعُدُولِ وَالْأُمَنَاءِ الَّذِينَ يَدُورُ عَلَيْهِمْ أَمْرُ التَّقْوِيمِ لِأَمْثَالِ هَذِهِ السِّلَعِ، وَالْأَحْوَطُ تَسْمِيَةُ أُولَئِكَ الْمُقَوِّمِينَ وَذِكْرُ إقْرَارِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الْقِيمَةَ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لِلدَّارِ شُفَعَاءُ وَحَضَرَ أَحَدُهُمْ فَأَخَذَ كُلَّهَا ثُمَّ حَضَرَ آخَرُ وَأَثْبَتَ اسْتِحْقَاقَهُ فَأَعْطَى نَصِيبَهُ مِنْهَا كَتَبَ: شَهِدُوا أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ كَانَ اشْتَرَى مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ الدَّارِ وَيَحُدُّهَا بِكَذَا وَتَقَابَضَا وَتَفَرَّقَا ثُمَّ حَضَرَ فُلَانٌ وَكَانَ شَفِيعَهَا فَحَضَرَ وَطَلَبَ شُفْعَتَهُ فِيهَا بِشَرَائِطِهَا فَقَضَى لَهُ بِهَا وَأَمَرَ الْقَاضِي الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ بِتَسْلِيمِهَا إلَيْهِ فَفَعَلَ ثُمَّ إنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ حَضَرَ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ شَفِيعُهَا وَأَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ طَلَبَ الشُّفْعَةَ فِيهَا بِشَرَائِطِهَا وَسَأَلَ الْقَاضِيَ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ نَصِيبَهُ مِنْهَا بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهَا وَهُوَ كَذَا بِشُفْعَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ فَأَلْزَمَ الْقَاضِي الْبَائِعَ وَالشَّفِيعَ الْأَوَّلَ قَبْضَ هَذَا الثَّمَنِ وَتَسْلِيمَ نَصِيبِهِ مِنْهَا إلَيْهِ فَفَعَلَا وَقَبَضَ فُلَانٌ الشَّفِيعُ الثَّانِي كَذَا مِنْ الدَّارِ بَعْدَ إيفَاءِ هَذَا الثَّمَنِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

.(الْفَصْلُ الثَّانِي عَشَرَ فِي الْإِجَارَاتِ وَالْمُزَارَعَاتِ):

(نَوْعٌ فِي الْإِجَارَاتِ) الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةُ الْمَرْسُومَةُ بَيْنَ أَهْلِ بُخَارَى صُورَتُهَا أَنْ يَكْتُبَ: هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَيَذْكُرُ حِلْيَتَهُ وَمَعْرُوفِيَّتَهُ وَمَسْكَنَهُ اسْتَأْجَرَ جَمِيعَ الْمَنْزِلِ الْمَبْنِيِّ الْمُشْتَمِلِ عَلَى دَارٍ وَبَيْتَيْنِ لِلْمُقَامِ فِيهَا وَهُوَ مُسَقَّفٌ بِسَقْفَيْنِ ذَكَرَ الْآجُرَّ هَذَا أَنَّ جَمِيعَهُ لَهُ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدِهِ وَمَوْضِعُهُ فِي كُورَةِ.
كَذَا فِي مَحَلَّةِ كَذَا فِي سِكَّةِ كَذَا بِحَضْرَةِ مَسْجِدِ كَذَا فَأَحَدُ حُدُودِهِ لَزِيقُ مَنْزِلِ فُلَانٍ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ كَذَا وَالرَّابِعُ لَزِيقُ الطَّرِيقِ وَإِلَيْهِ الْمَدْخَلُ فِيهِ بِحُدُودِهِ كُلِّهَا وَحُقُوقِهِ وَمَرَافِقِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ مِنْ حُقُوقِهِ أَرْضِهِ وَبِنَائِهِ وَسُفْلِهِ وَعُلُوِّهِ وَكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ فِيهِ دَاخِلٍ فِيهِ وَخَارِجٍ مِنْهُ إحْدَى وَثَلَاثِينَ سَنَةً مُتَوَالِيَةً غَيْرَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةٍ أَوَّلُهَا أَوَّلُ الْيَوْمِ الَّذِي يَتْلُو تَارِيخَ هَذَا الصَّكِّ بِكَذَا دِينَارٍ نِصْفُهَا كَذَا دِينَارًا عَلَى أَنْ يَكُونَ كُلُّ سَنَةٍ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةٍ مُتَوَالِيَةٍ مِنْ أَوَائِلِهَا مَا خَلَا الْأَيَّامَ الْمُسْتَثْنَاةَ مِنْهَا بِشَعِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَزْنًا مِنْ دِينَارٍ وَاحِدٍ مِنْهَا وَالسَّنَةُ الْأَخِيرَةُ الَّتِي هِيَ تَتِمَّةُ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِبَقِيَّةِ هَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقُّ فَسْخِ بَقِيَّةِ عُقْدَةِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ يَفْسَخُهَا أَيُّهُمَا أَحَبَّ الْفَسْخَ.
وَأَرَادَ اسْتِئْجَارًا صَحِيحًا وَالْآجِرُ الْمَذْكُورُ فِيهِ آجَرَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا جَمِيعَ مَا يُثْبِتُ إجَارَتَهُ فِيهِ بِهَذِهِ الْأُجْرَةِ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَمَرَافِقِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ مِنْ حُقُوقِهِ إجَارَةً صَحِيحَةً خَالِيَةً عَمَّا يُبْطِلُهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهُ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا بِنَفْسِهِ وَثِقْلِهِ وَأَمْتِعَتِهِ وَأَنْ يُسْكِنَ فِيهِ مَنْ شَاءَ وَأَنْ يُؤَاجِرَهُ مِمَّنْ يَشَاءُ وَأَنْ يُعِيرَهُ مِمَّنْ يَشَاءُ وَقَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا بِنَفْسِهِ جَمِيعَ هَذَا الْمَنْزِلِ الْمَحْدُودِ قَبْضًا صَحِيحًا بِتَسْلِيمِ الْآجِرِ هَذَا ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ تَسْلِيمًا صَحِيحًا فَارِغًا وَقَبَضَ الْآجِرُ هَذَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا جَمِيعَ هَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ بِتَمَامِهَا قَبْضًا صَحِيحًا مُعَجَّلَةً بِتَعْجِيلِ الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ وَضَمِنَ الْآجِرُ هَذَا لِلْمُسْتَأْجِرِ هَذَا الدَّرْكَ فِيمَا يُثْبِتُ إجَارَتَهُ فِيهِ ضَمَانًا صَحِيحًا وَتَفَرَّقَا طَائِعَيْنِ حَالَ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِمَا فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا مُقِرَّيْنِ بِذَلِكَ كُلِّهِ مُشْهِدَيْنِ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فِي تَارِيخِ كَذَا وَهَذَا الصَّكُّ الَّذِي كَتَبْنَاهُ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ نَظَائِرُهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالنُّسْخَةُ الَّتِي اخْتَارَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ فِي هَذَا: هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ جَمِيعَ الدَّارِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي هِيَ مِلْكُهُ.
وَفِي يَدِهِ بِمَوْضِعِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا أَرْضِهَا وَبِنَائِهَا وَسُفْلِهَا وَعُلُوِّهَا وَمَرَافِقُهَا مِنْ حُقُوقِهَا، وَكُلُّ دَاخِلٍ فِيهَا وَخَارِجٍ مِنْهَا مِنْ حُقُوقِهَا، وَكُلُّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ فِيهَا مِنْ حُقُوقِهَا سَنَةً كَامِلَةً بِالْأَهِلَّةِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مُتَوَالِيَةً أَوَّلُهَا غُرَّةُ شَهْرِ كَذَا وَآخِرُهَا سَلْخُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا نِصْفُهَا كَذَا دِرْهَمًا حِصَّةُ كُلِّ شَهْرٍ كَذَا دِرْهَمًا مِنْ هَذِهِ الْأُجْرَةِ إجَارَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً نَافِذَةً بَاتَّةً خَالِيَةً عَنْ الشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ وَالْمَعَانِي الْمُبْطِلَةِ وَذَلِكَ كُلُّهُ أَجْرُ مِثْلِ جَمِيعِ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ يَوْمَ وَقَعَتْ لَا وَكْسَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا فِي جَمِيعِ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِنَفْسِهِ وَيُسْكِنُهَا مَنْ أَحَبَّ كَمَا أَحَبَّ بِمَا أَحَبَّ وَيَنْتَفِعُ بِهَا بِوُجُوهِ مَنَافِعِهَا بِالْمَعْرُوفِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ نَقَدَ الْأُجْرَةَ يَكْتُبُ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هَذَا عَجَّلَ كُلَّ هَذِهِ الْأُجْرَةِ لِتَمَامِ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَتَعَجَّلَهَا مِنْهُ الْآجِرُ هَذَا وَبَرِئَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْأُجْرَةِ لِهَذِهِ الْمُدَّةِ إلَى هَذَا الْآجِرِ بَرَاءَةَ قَبْضٍ وَاسْتِيفَاءٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ نَقَدَ الْأُجْرَةَ يَكْتُبُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا تَمَامَ هَذِهِ الْأُجْرَةِ إلَى الْآجِرِ هَذَا بَعْدَ تَمَامِ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَوْ يَكْتُبُ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ حِصَّةَ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ هَذِهِ الْأُجْرَةِ عِنْدَ مُضِيِّ ذَلِكَ الشَّهْرِ وَقَبَضَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ هَذَا الْآجِرِ جَمِيعَ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ كَمَا وَقَعَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ فَارِغَةً عَنْ كُلِّ مَانِعٍ وَمُنَازِعٍ عَنْ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ بِتَسْلِيمِ هَذَا الْآجِرِ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا وَتَمَامِهَا تَفَرُّقَ الْأَبْدَانِ، وَالْأَقْوَالُ بَعْدَ إقْرَارِ الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ كُلَّهُ وَعَرَفَهُ وَرَضِيَ بِهِ وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ.
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ وَلَا يَكْتُبُ ضَمَانَ الدَّرْكِ فِي الَّذِي لَا تَكُونُ الْأُجْرَةُ فِيهِ مَقْبُوضَةً وَيَكْتُبُ فِيمَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ فِيهِ مَقْبُوضَةً مُعَجَّلَةً فَإِنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ وَالْمَقْبُوضُ بَعْضَ الْأُجْرَةِ يَكْتُبُ ضَمَانَ الدَّرْكِ فِي الْقَدْرِ الْمَقْبُوضِ وَضَمَانُ أَصْلِ الْأُجْرَةِ كَضَمَانِهِ دَيْنًا آخَرَ فَيَكْتُبُ هَاهُنَا كَمَا يَكْتُبُ فِيهِ ثَمَّةَ وَبَعْضُ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ اخْتَارُوا لَفْظَةَ الْقَبَالَةِ فِي هَذَا فَكَتَبُوا هَذَا مَا تَقَبَّلَ فُلَانٌ قَبَالَةً صَحِيحَةً وَقَبَضَ هَذَا الْمُقَبِّلُ وَسَلَّمَ هَذَا الْمُسْتَقْبِلُ وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ هَذِهِ الْقَبَالَةِ وَعَلَى هَذَا إجَارَةُ الْحَانُوتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّاحُونَةِ وَالْحَمَّامِ وَكُلِّ مَحْدُودٍ وَلَكِنْ يَذْكُرُ عِنْدَ قَوْلِهِ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا مَا هُوَ مِنْ خَوَاصِّ مَرَافِقِهَا كَمَا فِي الشِّرَاءِ، وَاَللَّهُ- تَعَالَى- أَعْلَمُ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ سِوَى الْمَنْزِلِ بِأَنْ كَانَ كَرْمًا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ الْإِجَارَةَ عَلَى أَصْلِ الْكَرْمِ دُونَ الْأَشْجَارِ وَالْقُضْبَانِ وَالزَّرَاجِين؛ لِأَنَّ إجَارَتَهَا بَاطِلَةٌ وَالزَّرْعُ فِي الْأَرَاضِي كَذَلِكَ فَيَكْتُبُ: اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ جَمِيعَ أَصْلِ الضَّيْعَةِ الَّتِي هِيَ كَرْمٌ مَحُوطٌ إنْ كَانَ الْكَرْمُ مَحُوطًا وَجَمِيعَ دَبَرَاتِ أَرْضٍ ذَكَرَ الْآجِرُ هَذَا أَنَّهَا لَهُ وَمِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدِهِ وَمَوْضِعُهَا فِي أَرْضِ قَرْيَةِ كَذَا مِنْ قُرَى كُورَةِ بُخَارَى مِنْ عَمَلِ ذَرَا وَمِنْ عَمَلِ قر عددا وَمِنْ عَمَلِ سامحن مَأْذُونٍ وَيَكْتُبُ حُدُودَهَا كَمَا تَكُونُ ثُمَّ يَقُولُ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا الَّتِي هِيَ لَهَا بَعْدَمَا بَاعَ الْآجِرُ هَذَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ هَذَا جَمِيعَ مَا فِي هَذَا الْكَرْمِ مِنْ الْأَشْجَارِ وَالْقُضْبَانِ وَالزَّرَاجِين وَالْأَغْرَاسِ وَمَا فِي هَذِهِ الْأَرَاضِي مِنْ الزُّرُوعِ وَشِرَاءِ الْبِطِّيخِ وَقَوَائِمِ الْقُطْنِ بِأُصُولِ جَمِيعِهَا وَعُرُوقِهَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ هُوَ كَذَا بَيْعًا صَحِيحًا وَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هَذَا اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ الْمَعْلُومِ شِرَاءً صَحِيحًا وَتَقَابَضَا قَبْضًا صَحِيحًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ جَمِيعَ مَا تَثْبُتُ إجَارَتُهُ فِيهِ إحْدَى وَثَلَاثِينَ سَنَةً مُتَوَالِيَةً غَيْرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ إلَى آخِرِ الصَّكِّ.
وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي وَقْتٍ يَكُونُ عَلَى الْأَشْجَارِ ثِمَارٌ وَعَلَى الزَّرَاجِينِ أَعْنَابٌ يَكْتُبُ بَعْدَ قَوْلِهِ جَمِيعَ الْأَشْجَارِ وَالزَّرَاجِين وَالْأَغْرَاسِ وَجَمِيعَ مَا عَلَى هَذِهِ الْأَشْجَارِ مِنْ الثِّمَارِ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَإِنْ كَانَ فِي الْكَرْمِ أَشْجَارُ الْخِلَافِ يَكْتُبُ وَجَمِيعَ أَشْجَارِ الْخِلَافِ الَّتِي فِي هَذَا الْكَرْمِ؛ لِأَنَّ قَوَائِمَ الْخِلَافِ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَرِ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ هُوَ الْمُخْتَارُ وَهَذِهِ الْإِجَارَةُ مُسْتَخْرَجَةٌ مِنْ مَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْأَصْلِ وَهِيَ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ دَارًا مِنْ رَجُلَيْنِ عَشْرَ سِنِينَ فَخَافَ أَنْ يُخْرِجَاهُ مِنْهَا وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَوْثِقَ مِنْ ذَلِكَ فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الدَّارَ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ الشُّهُورِ الْأُوَلِ بِدِرْهَمٍ وَالشَّهْرَ الْأَخِيرَ بِبَقِيَّةِ الْأَجْرِ فَإِنَّ مُعْظَمَ الْأَجْرِ مَتَى كَانَ لِلشَّهْرِ الْأَخِيرِ فَإِنَّهُمَا لَا يُخْرِجَانِهِ مِنْ الدَّارِ وَقَدْ حُكِيَ أَنَّهُ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ يَكْتُبُونَ بَيْعَ الْمُعَامَلَةِ فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ الْفَقِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيِّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَرِهَ ذَلِكَ لِمَكَانِ شُبْهَةِ الرِّبَا وَأَحْدَثَ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الْإِجَارَةِ لِيَصِلَ النَّاسُ إلَى الِاسْتِرْبَاحِ بِأَمْوَالِهِمْ فَيَحْصُلُ لَهُمْ مَنْفَعَةُ الْأَرْضِ وَالدَّارِ مَعَ الْأَمْنِ عَنْ ذَهَابِ شَيْءٍ مَقْصُودٍ مِنْ الْمَالِ فَجَعَلَ بِمُقَابِلِهِ السِّنِينَ الْمُتَقَدِّمَةَ شَيْئًا قَلِيلًا وَجَعَلَ بَقِيَّةَ الْمَالِ لِلسَّنَةِ الْأَخِيرَةِ وَاسْتَثْنَى ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ وَإِنَّمَا أَثْبَتَ الْخِيَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَتَّى يُمْكِنَهُ الْفَسْخُ وَالْوُصُولُ إلَى مَالِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى هَذِهِ الْأَيَّامَ مِنْ الْعَقْدِ حَتَّى لَا يَكُونَ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَحَتَّى لَا يُشْتَرَطَ حَضْرَةُ صَاحِبِهِ لِصِحَّةِ الْفَسْخِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَلَكِنَّهُ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا قَدَّرُوا بِإِحْدَى وَثَلَاثِينَ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ يُسْتَثْنَى ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْغَالِبِ.
وَإِذَا اسْتَثْنَيْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ فِي صَكِّنَا هَذَا تَكُونُ الْأَيَّامُ الْمُسْتَثْنَاةُ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ ثَلَثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا وَذَلِكَ سَنَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَبْقَى عَقْدُ الْإِجَارَةِ فِي ثَلَاثِينَ سَنَةً وَإِنَّمَا عَقَدُوا عَقْدَ الْإِجَارَةِ فِي ثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ يَعْقِدُوا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ثَلَاثِينَ سَنَةً نِصْفُ الْعُمْرِ فِي الشَّرْعِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِينَ}.
وَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: {مُعْتَرَكُ الْمَنَايَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِينَ}.
فَكَرِهُوا الزِّيَادَةَ عَلَى نِصْفِ الْعُمْرِ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ مُعْتَبَرٌ بِالْكُلِّ حَتَّى كَانَ إدْرَاكُ أَكْثَرِ الرَّكْعَةِ بِمَنْزِلَةِ إدْرَاكِ الْكُلِّ وَحِينَئِذٍ يَتَمَكَّنُ شُبْهَةُ التَّأْبِيدِ فِيهَا وَالتَّأْقِيتُ مِنْ شَرْطِهَا، وَوَافَقَهُ عَلَى تَجْوِيزِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-.
وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِبُخَارَى وَعَلَى هَذَا أَمْرُ الْأَئِمَّةِ فِي فَتْوَى الْجَوَازِ بِهَذِهِ الْإِجَارَةِ الْيَوْمَ وَكَانَ الزُّهَّادُ مِنْ مَشَايِخِنَا مِثْلِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَامِدٍ وَالشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي حَفْصٍ السَّفْكَرْدَرِيِّ لَا يُجَوِّزُونَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ وَيَقُولُونَ فِيهَا شُبْهَةُ الرِّبَا وَقَدْ ذَكَرْنَا وُجُوهَ الْفَسَادِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ صِحَّتِهَا وَانْتِفَاءَ شُبْهَةِ الرِّبَا عَنْهَا وَلَوْ لَمْ تُجَوَّزْ بِهَذَا الطَّرِيقِ لَا نَسُدُّ عَلَى النَّاسِ وُجُوهَ دَفْعِ حَوَائِجِهِمْ بِمَالِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ مَنْ يُقْرِضُ الْمَالَ الْكَثِيرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْمَعَ فِي وُصُولِ نَفْعٍ مَالِيٍّ نَادِرٌ وَبِذَلِكَ النَّادِرِ لَا تَنْدَفِعُ الْحَوَائِجُ وَلَا تَنْتَظِمُ الْمَصَالِحُ فَكَانَ فِي الْقَوْلِ بِجَوَازِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ تَعْدِيلُ النَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلِهَذَا الْمَعْنَى جَازَ الدُّخُولُ فِي الْحَمَّامِ بِأَجْرٍ وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ مَجْهُولًا، وَمَا يُصَبُّ مِنْ الْمَاءِ وَالْمَكَانُ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ وَمِقْدَارُ مَا يَمْكُثُ فِيهِ مَجْهُولًا ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ الَّذِينَ يُجَوِّزُونَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ فِي فَصْلٍ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ سِنُّ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَعِيشُ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً غَالِبًا هَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْإِجَارَةُ؟ بَعْضُهُمْ لَمْ يُجَوِّزُوا وَمِمَّنْ لَا يُجَوِّزُ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَامِرِيُّ وَبَعْضُهُمْ جَوَّزُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِصِيغَةِ كَلَامِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّأْقِيتَ فَصَحَّ ذَلِكَ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَى مِائَةِ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتْعَةً وَلَا يَكُونُ نِكَاحًا صَحِيحًا فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَإِنْ كَانَا لَا يَعِيشَانِ إلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ غَالِبًا وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الِاعْتِبَارُ لِلَّفْظِ كَانَ مُبْطِلًا لِلنِّكَاحِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(إجَارَةُ النِّصْفِ الشَّائِعِ) اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ مِنْ جَمِيعِ مَا وُجِدَ وَوُصِفَ فِيهِ فَهُوَ سَهْمٌ وَاحِدٌ مِنْ سَهْمَيْنِ وَهُوَ النِّصْفُ مَشَاعًا مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْعَاقِدَيْنِ نِصْفَيْنِ وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ فَإِنْ اسْتَأْجَرَ النِّصْفَ مِنْ غَيْرِ شَرِيكٍ فِيهَا لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَجَازَ عِنْدَهُمَا فَإِنْ أَرَادَ الْجَوَازَ بِالْإِجْمَاعِ كَتَبَ: اسْتَأْجَرَ مِنْهُ سَهْمًا وَاحِدًا مِنْ سَهْمَيْنِ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّ كُلَّهَا لَهُ وَهِيَ مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدِهِ وَهِيَ الدَّارُ الَّتِي مَوْضِعُهَا كَذَا وَيُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ فَيَكْتُبُ وَقَدْ حَكَمَ بِصِحَّةِ هَذَا الْعَقْدِ الْقَاضِي فُلَانٌ بَعْدَ خُصُومَةٍ صَحِيحَةٍ جَرَتْ بَيْنَ هَذَيْنِ الْعَاقِدَيْنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(وَوَجْهٌ آخَرُ) أَنْ يَعْقِدَ الْإِجَارَةَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْتَأْجَرِ بِضِعْفِ مَالِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ يَفْسَخُ الْعَقْدَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ فَيَبْقَى الْعَقْدُ فِي النِّصْفِ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْإِجَارَةِ فَيَكُونُ هَذَا شُيُوعًا طَارِئًا فَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي.
(وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ سركارا لِحَمَّامَيْنِ) فَيَكْتُبُ الِاسْتِئْجَارَ أَقَلَّ مِنْ مُدَّةِ إحْدَى وَثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّ سركارهم لَا تَبْقَى عَلَى حَالِهَا إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً فَيَكْتُبُ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَى الصَّوَابَ فَيَكْتُبُ نُسْخَةَ السركار أَوَّلًا بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ كَمَا بَيَّنَّاهُ ثُمَّ يَكْتُبُ عَقِيبَهَا: اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ جَمِيعَ هَذِهِ السركار وَالْأَدَوَاتِ الْمَوْصُوفَةِ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَى صَدْرِ هَذَا الصَّكِّ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ خَمْسَ سِنِينَ مُتَوَالِيَاتٍ غَيْرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مُتَوَالِيَةٍ مِنْ مُقَدَّمَتِهَا أَوَّلُهَا أَوَّلُ الْيَوْمِ الَّذِي يَتْلُو تَارِيخَ هَذَا الذِّكْرِ بِكَذَا دِينَارًا وَيَصِفُ الدِّينَارَ بِمَا وَصَفْنَاهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَرْبَعَ سِنِينَ مُتَوَالِيَةً مِنْ أَوَائِلِهَا سِوَى الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْهَا كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهَا سِوَى مَا اسْتَثْنَى مِنْ أَيَّامِهَا بِشَعِيرَةٍ وَاحِدَةٍ وَزْنًا مِنْ دِينَارٍ وَاحِدٍ وَالسَّنَةُ الْأَخِيرَةُ الَّتِي هِيَ تَتِمَّةُ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِبَقِيَّةِ هَذِهِ الْأُجْرَةِ وَيُتِمُّ الصَّكَّ إلَى آخِرِهِ.
وَإِنْ كَانَ بِمَالِ الْإِجَارَةِ ضَامِنٌ يَكْتُبُ بَعْدَ تَمَامِ صَكِّ الْإِجَارَةِ وَضَمِنَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ يَكْتُبُ حِلْيَتَهُ وَمَعْرُوفِيَّتَهُ وَمَسْكَنَهُ ضَمِنَ هَذَا الْآجِرُ الْمَذْكُورُ فِيهِ بِأَمْرِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ فِيهِ بِمَا يَجِبُ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى هَذَا الْآجِرِ مِنْ هَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ بَعْدَ انْفِسَاخِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ ضَمَانًا صَحِيحًا مُعَلَّقًا بِاللُّزُومِ وَرَضِيَ بِهِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ وَأَجَازَ ضَمَانَهُ عَنْهُ هَذَا فِي مَجْلِسِ الضَّمَانِ إجَازَةً صَحِيحَةً وَيُتِمُّ الصَّكَّ إلَى آخِرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْآجِرُ الضَّامِنُ وَطَلَبَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْآجِرِ أَنْ يُوَكِّلَهُ أَوْ يُوَكِّلَ رَجُلًا آخَرَ بِبَيْعِ هَذَا الْمَنْزِلِ مِنْ إنْسَانٍ بِثَمَنٍ يَتَّفِقُ عَلَيْهِ أَهْلُ الْبَصَرِ وَبِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَدَاءِ مَالِ الْإِجَارَةِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ يَكْتُبُ.
ثُمَّ إنَّ هَذَا الْآجِرَ الْمَذْكُورَ فِيهِ وَكَّلَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي بَيْعِ هَذَا الْمَنْزِلِ الْمَحْدُودِ فِيهِ بَعْدَ انْفِسَاخِ عُقْدَةِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ مِمَّنْ يَرْغَبُ فِي شِرَائِهِ مِنْهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَتَّفِقُ عَلَيْهِ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ وَفِي قَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَتَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَيْهِ وَضَمَانِ الدَّرْكِ عَنْهُ لَهُ وَأَدَاءِ مَا يَجِبُ عَلَى هَذَا الْآجِرِ مِنْ مَالِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورِ مَبْلَغُهُ فِيهِ بَعْدَ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ إلَى هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ تَوْكِيلًا صَحِيحًا بِطَلَبِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ وَمَسْأَلَتِهِ ذَلِكَ مِنْهُ ثَابِتًا لَازِمًا عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا عَزَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْوَكَالَةِ عَادَ عَنْهُ وَكِيلًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَمَا كَانَ وَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُ فِي مَجْلِسِ التَّوْكِيلِ هَذِهِ الْوَكَالَةَ قَبُولًا صَحِيحًا خِطَابًا وَيُتِمُّ الصَّكَّ إلَى آخِرِهِ وَإِنْ اسْتَأْذَنَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فِي عِمَارَةِ الْمَنْزِلِ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ عَلَى هَذَا الْآجِرِ يَكْتُبُ وَأَذِنَ الْآجِرُ هَذَا لِلْمُسْتَأْجِرِ هَذَا فِي صَرْفِ مَا يَحْتَاجُ هَذَا الْمَنْزِلُ الْمَحْدُودُ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ إلَى الْعِمَارَةِ أَيَّةِ عِمَارَةٍ كَانَتْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا تَبْذِيرٍ بِمَشْهَدِ رَجُلَيْنِ مِنْ جِيرَانِهِ لِيَرْجِعَ بِمِثْلِ مَا صَرَفَ هُوَ إلَيْهَا عَلَى هَذَا الْآجِرِ إذْنًا صَحِيحًا أَوْ بِصَرْفِ جِبَايَاتِهِ وَمُؤْنَاتِهِ الدِّيوَانِيَّةِ وَقْتَ وُقُوعِهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إلَى أَصْحَابِ السُّلْطَانِ لِيَرْجِعَ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَلَيْهِ إذْنًا صَحِيحًا عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا عَزَلَهُ عَنْ هَذَا الْإِذْنِ يَكُونُ هُوَ مَأْذُونًا لَهُ فِيهِ عَنْهُ بِإِذْنٍ جَدِيدٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَانَ وَأَنَّهُ قَبِلَ مِنْهُ هَذَا الْإِذْنَ مِنْهُ قَبُولًا صَحِيحًا.
(وَأَمَّا الْإِجَارَةُ عَلَى الْإِجَارَةِ) فَإِنَّكَ تَكْتُبُ عَلَى صَكِّ الِاسْتِئْجَارِ: أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَذْكُورُ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ فِي بَاطِنِ صَكِّ الِاسْتِئْجَارِ هَذَا فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِهِ طَائِعًا أَنَّهُ آجَرَ كَذَا إجَارَةً عَلَى الِاسْتِئْجَارِ الْمَذْكُورِ فِي بَاطِنِهِ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَمَرَافِقِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ مِنْ حُقُوقِهِ مِنْ هَذَا التَّارِيخِ إلَى مُنْتَهَى مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْأُولَى الْمَذْكُورَةِ فِي بَاطِنِهِ غَيْرَ الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَاطِنِهِ بِكَذَا دِينَارًا يَصِفُهُ بِمَا وَصَفْنَاهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ السِّنِينَ الْبَاقِيَةِ غَيْرَ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ وَسِوَى الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَاطِنِهِ بِشَعِيرَةٍ وَزْنًا مِنْ دِينَارٍ وَاحِدٍ وَالسَّنَةُ الْأَخِيرَةُ الَّتِي هِيَ تَتِمَّةُ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِبَقِيَّةِ هَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ إجَارَةً صَحِيحَةً وَأَنَّ فُلَانًا هَذَا اسْتَأْجَرَ مِنْهُ جَمِيعَ كَذَا بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَمَرَافِقِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ مِنْ حُقُوقِهِ بِهَذِهِ الْأُجْرَةِ وَالشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ اسْتِئْجَارًا صَحِيحًا وَتَمَّ التَّسْلِيمُ بَيْنَهُمَا فِيمَا يُثْبِتُ إجَارَتَهُ فِيهِ عَلَى قَضِيَّةِ الشَّرْعِ وَقَبَضَ الْآجِرُ هَذَا جَمِيعَ هَذِهِ الْأُجْرَةِ بِكَمَالِهَا قَبْضًا صَحِيحًا وَجَعَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْعَاقِدَيْنِ صَاحِبَهُ هَذَا بِالْخِيَارِ فِي فَسْخِ بَقِيَّةِ عُقْدَةِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ الْمَذْكُورَةِ فِي بَاطِنِهِ جَعْلًا صَحِيحًا وَيُتِمُّ الصَّكَّ إلَى آخِرِهِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(إجَارَةُ النَّفْسِ) هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ اسْتَأْجَرَ نَفْسَهُ سَنَةً وَاحِدَةً كَامِلَةً أَوَّلُهَا غُرَّةُ شَهْرِ كَذَا وَآخِرُهَا سَلْخُ شَهْرِ كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ بِجَمِيعِ مَا يَتَّفِقُ لَهُ مِنْ الْأَعْمَالِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ أَيَّ عَمَلٍ شَاءَ وَلَا امْتِنَاعَ لَهُ عَمَّا يَأْمُرُهُ وَإِنَّ هَذَا الْأَجِيرَ سَلَّمَ نَفْسَهُ إلَيْهِ بِحُكْمِ هَذَا الْعَقْدِ حَتَّى يَسْتَعْمِلَهُ أَيَّ عَمَلٍ شَاءَ وَيُوَفِّيَهُ أَجْرَ كُلِّ شَهْرٍ يَسْتَعْمِلُهُ فِيهِ عِنْدَ مُضِيِّهِ فَإِنْ كَانَ اسْتَأْجَرَهُ لِنَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ الْعَمَلِ وَالْحِرْفَةِ كَتَبْتَ عَلَى أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي عَمَلِ الْخِيَاطَةِ فِي أَنْوَاعِ الثِّيَابِ كُلِّهَا وَجَمِيعِ مَا يُخَاطُ عَلَى مَا رَأَى وَأَحَبَّ.
(اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا) بَيَّنَ مَوْضِعَهَا وَسِعَتَهَا وَعُمْقَهَا بِالذُّرْعَانِ.
(اسْتَأْجَرَهُ عَلَى رَعْيِهِ كَذَا كَذَا مِنْ الْإِبِلِ بِأَعْيَانِهَا) يَصِفُهَا وَيُفَصِّلُ إذَا اخْتَلَفَتْ كَذَا شَهْرًا عَلَى أَنْ يَرْعَاهَا وَيَحْفَظَهَا وَيَسْقِيَهَا وَيُورِدَهَا وَيُصْدِرَهَا إلَى أَعْطَانِهَا وَيُدَاوِيَ جَرْبَاهَا وَيَحْلِبَ ذَوَاتِ الدَّرِّ مِنْهَا فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي تُحْلَبُ أَمْثَالُهَا فِيهَا وَقَصْرَ ضُرُوعِهَا بَعْدَ حَلْبِهَا وَيَقُومَ عَلَيْهَا وَعَلَى فِصْلَانِهَا فِي جَمِيعِ مَصَالِحِهَا الَّتِي يُحْتَاجُ إلَيْهَا وَيَطْلُبَ ضَالَّتَهَا بِكَذَا دِرْهَمًا إلَى آخِرِهِ، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَيُبَيِّنُ التَّأْجِيلَ وَالتَّعْجِيلَ فِي الْأُجْرَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا بَيَّنَ ذَلِكَ وَيَكُونُ فِي هَذَا أَجِيرَ وَحْدٍ فَلَا يَمْلِكُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا ضَاعَ مِنْهَا بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْمُعَيَّنَةِ هُوَ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ فَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ لِرَعْيِ غَيْرِهَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَضْمَنُ مَا ضَاعَ مِنْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- خِلَافًا لَهُمَا.
(فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ الْكِتَابِ مِنْ سَمَرْقَنْدَ إلَى بُخَارَى وَنَحْوِهِ وَيَدْفَعُهُ إلَى فُلَانٍ وَيَسْأَلُ جَوَابَهُ فَيَحْمِلُهُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ يَكْتُبُ) اسْتَأْجَرَ مِنْهُ نَفْسَهُ لِيَحْمِلَ لَهُ كِتَابًا كَتَبَهُ إلَى فُلَانٍ فِي كُورَةِ كَذَا مِنْ كُورَةِ كَذَا وَيَحْمِلُ جَوَابَ هَذَا الْكِتَابِ مِنْهُ إلَيْهِ بِكَذَا دِرْهَمًا إجَارَةً صَحِيحَةً وَقَبَضَ هَذَا الْأَجِيرُ مِنْ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ مُعَجَّلَةً قَبْضًا صَحِيحًا وَقَبَضَ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ قَبْضًا صَحِيحًا وَقَبِلَ حَمْلَهُ مِنْ كُورَةِ سَمَرْقَنْدَ إلَى كُورَةِ بُخَارَى وَإِيرَادَهُ إلَى فُلَانٍ وَأَخْذَ جَوَابِ الْكِتَابِ مِنْ هَذَا الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ مِنْ كُورَةِ بُخَارَى إلَى كُورَةِ سَمَرْقَنْدَ وَتَسْلِيمَ الْجَوَابِ إلَى هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ، وَيُتِمُّ الْكِتَابَ.
(اسْتِئْجَارُ الْمَمْلُوكِ لِلْخِدْمَةِ) اسْتَأْجَرَ مِنْهُ عَبْدًا لَهُ هِنْدِيًّا يُسَمَّى زيرك الَّذِي ذَكَرَ هَذَا الْآجِرُ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ وَرَقِيقُهُ وَفِي يَدِهِ وَهُوَ عَبْدٌ شَابٌّ مَدِيدُ الْقَامَةِ وَيُبَيِّنُ حِلْيَتَهُ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ سَنَةً كَامِلَةً أَوَّلُهَا كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا إجَارَةً صَحِيحَةً عَلَى أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنْوَاعِ الْخِدْمَةِ مَا يُطِيقُهُ هَذَا الْمَمْلُوكُ وَيَحِلُّ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِخْدَامُهُ فِيهِ عَلَى مَا يَرَى فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَيُؤَاجِرُهُ فِيهَا مِمَّنْ أَحَبَّ لِخِدْمَتِهِ وَلِخِدْمَةِ مَنْ شَاءَ وَيُسَافِرُ بِهِ إنْ بَدَا لَهُ وَيَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ فَإِنْ كَانَ يَعْمَلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ ذَكَرَ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ الْأُجْرَةَ وَالتَّأْجِيلَ وَالتَّعْجِيلَ وَالرُّؤْيَةَ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ إلَّا بِشَرْطٍ وَالْخِدْمَةُ الَّتِي لَهُ أَنْ يَطْلُبَهَا مِنْهُ خِدْمَتُهُ وَخِدْمَةُ مَنْ فِي عِيَالِهِ وَخِدْمَةُ أَضْيَافِهِ مِنْ السَّحَرِ إلَى مَا بَعْدَ الْعِشَاءِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ (وَإِنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ وَالْأَعْمَالِ) وَالصِّنَاعَاتِ كُلِّهَا بَيَّنْتَ ذَلِكَ ثُمَّ تُبَيِّنُ حَدِيثَ الْأَجْرِ مِنْ التَّأْجِيلِ وَالتَّعْجِيلِ وَالتَّأْقِيتِ وَبَيَّنْتَ الرُّؤْيَةَ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَالَ إجَارَةُ مَحْدُودِ الصَّغِيرِ أَوْ الْوَقْفِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ لَا تَجُوزُ وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْمُقَاطَعَةُ وَهِيَ هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَاطَعَةِ فُلَانٌ أَعْنِي رَبَّ الْمَالِ مِنْ فُلَانٍ الْقَيِّمِ فِي تَسْوِيَةِ الْأُمُورِ لِفُلَانٍ الصَّغِيرِ الثَّابِتِ الْقِوَامَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّهُ يُؤَاجِرُهُ مِنْ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ بِهَذِهِ الْوِلَايَةِ وَالْقِوَامَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ بِالْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ يَوْمَئِذٍ أَجْرُ الْمِثْلِ لِهَذَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا وَكْسَ فِيهَا وَلَا شَطَطَ وَيَذْكُرُ الْحُدُودَ وَيُتِمُّ الصَّكَّ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(اسْتِئْجَارُ الصَّبِيِّ مِنْ الْأَبِ) اسْتَأْجَرَ مِنْهُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ الْمُسَمَّى فُلَانًا لِعَمَلِ كَذَا مُدَّةَ كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا إجَارَةً صَحِيحَةً عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ هَذَا الصَّغِيرُ هَذَا الْعَمَلَ الْمَذْكُورَ فِيهِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَيُوَفَّى أُجْرَةَ كُلِّ شَهْرٍ مِنْهَا عِنْدَ انْقِضَائِهِ وَيُسَلِّمُ الْأَبُ هَذَا الصَّغِيرَ بِوِلَايَةِ الْأُبُوَّةِ إلَى هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ فَقَبِلَهُ مِنْهُ وَتَفَرَّقَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَهُ جَازَ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيُلْحَقُ بِهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ عَلَى مَا مَرَّ مَرَّاتٍ.
(اسْتِئْجَارُ الْحُرِّ بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ) آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ فُلَانٍ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ عَمَلَ كَذَا وَمَا يَبْدُو لَهُ مِنْ الْأَعْمَالِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ مِمَّا يَأْمُرُهُ بِهِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى أَنْ يَكُونَ أَجْرُ عَمَلِهِ لِكُلِّ شَهْرٍ كَذَا دِرْهَمًا وَأَذِنَ هَذَا الْأَجِيرُ لِهَذَا الْمُسْتَأْجِرِ فِي صَرْفِ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ أُجْرَةِ عَمَلِهِ إلَى طَعَامِهِ وَإِدَامِهِ وَلِبَاسِهِ وَسَائِرِ مَصَالِحِهِ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا إذْنًا صَحِيحًا عَلَى أَنَّهُ كُلَّمَا نَهَاهُ عَنْهُ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِيهِ بِإِذْنٍ جَدِيدٍ مِنْ جِهَتِهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ إلَى هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ تَسْلِيمًا صَحِيحًا.
(اسْتِئْجَارُ الظِّئْرِ) هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ اسْتَأْجَرَ مِنْهَا نَفْسَهَا مُدَّةَ سَنَتَيْنِ كَامِلَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ أَوَّلُهُمَا غُرَّةُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَآخِرُهُمَا سَلْخُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا عَلَى أَنْ تُرْضِعَ ابْنَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ الَّذِي يُسَمَّى فُلَانًا فِي مَنْزِلِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ تُقِيمُ فِي مَنْزِلِهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ لِإِرْضَاعِ هَذَا الْوَلَدِ وَحَضَانَتِهِ فَتُرْضِعُهُ بِنَفْسِهَا مِنْ لَبَنِهَا وَتَحْضُنُهُ وَتَخْدُمُهُ رَضَاعًا لَا تَقْصِيرَ فِيهِ وَلَا تَقْتِيرَ بِكَذَا دِرْهَمًا حِصَّةُ كُلِّ شَهْرٍ كَذَا إجَارَةً صَحِيحَةً وَقَبِلَتْ مِنْهُ هَذَا الْعَقْدَ مُوَاجَهَةً فِي هَذَا الْمَجْلِسِ وَعَايَنَتْ هَذَا الصَّبِيَّ وَعَرَفْتُهُ وَسَلَّمَتْ نَفْسَهَا مِنْ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ لِهَذَا الْعَمَلِ فَتُرْضِعُهُ وَتَحْضُنُهُ فِي كُلِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَيُوَفِّيهَا أَجْرَهَا عِنْدَ مُضِيِّ كُلِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَوْ يَكْتُبُ أَجْرَ كُلِّ شَهْرٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ ذَلِكَ الشَّهْرِ أَوْ يَكْتُبُ وَقَدْ تَعَجَّلَتْ وَقَدْ أَجَازَ زَوْجُهَا فُلَانٌ عُقْدَةَ هَذِهِ الْإِجَارَةِ فَرَضِيَ بِهَا وَسَلَّمَهَا لِلْإِرْضَاعِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَأَذِنَ لَهَا بِالسُّكْنَى فِي مَنْزِلِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ لِهَذَا فَرَضِيَ بِهَا لِهَذَا الْعَمَلِ وَتَفَرَّقَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ فَلَهُ الْمَنْعُ وَالْفَسْخُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(اسْتِئْجَارُ الْأُسْتَاذِ لِتَعْلِيمِ الصَّبِيِّ الْحِرْفَةَ) اسْتَأْجَرَهُ لِيُعَلِّمَ ابْنَ الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى كَذَا حِرْفَةَ كَذَا بِتَمَامِهَا بِوُجُوهِهَا فِي مُدَّةِ كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا لِيَقُومَ بِتَعْلِيمِهِ فِي أَوْقَاتِ التَّعْلِيمِ وَسَلَّمَ إلَيْهِ هَذَا الِابْنَ وَعَجَّلَ لَهُ جَمِيعَ هَذِهِ الْأُجْرَةِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، وَأَزِيدُ مِنْ هَذَا الْفَصْلِ الَّذِي يَلِيهِ، هَكَذَا يُكْتَبُ أَهْلَ هَذِهِ الصَّنْعَةِ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَكْتُبَ اسْتَأْجَرَهُ لِيَقُومَ عَلَيْهِ مُدَّةَ كَذَا فِي تَعْلِيمِ النَّسْجِ مَثَلًا عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ الْوَلِيُّ كُلَّ شَهْرٍ كَذَا أَمَّا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ تَعْلِيمَ الْحِيَاكَةِ وَلَمْ يَقُلْ لِيَقُومَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ حِينَئِذٍ تَقَعُ عَلَى التَّعْلِيمِ وَالتَّعْلِيمُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الْأَجِيرِ بَلْ مِنْ فَهْمِ الْمُتَعَلِّمِ فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهُ لِيَقُومَ عَلَيْهِ فَالْإِجَارَةُ تَقَعُ عَلَى الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَعَلَى حِفْظِهِ وَلَكِنْ ذُكِرَ النَّسْجُ لِيُرَغِّبَ الْوَلِيَّ فِيمَا يَحْصُلُ لَهُ فِي أَثْنَاءِ الْعَقْدِ مِنْ عَمَلِ الْحِيَاكَةِ فَإِنَّ الصَّبِيَّ رُبَّمَا يَأْخُذُ ذَلِكَ بِفَهْمِهِ وَذَكَائِهِ فَهَذَا جَارٍ مَجْرَى الْبَيْعِ فَأَمَّا الْمَقْصُودُ فَهُوَ الْقِيَامُ عَلَيْهِ وَفِي وُسْعِ الْأُسْتَاذِ الْوَفَاءُ بِهِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ دَرَاهِمَ.
وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُعَلِّمَ وَلَدَهُ الْحِرْفَةَ فِي سَنَةٍ ثُمَّ هُوَ يَعْمَلُ لِلْأُسْتَاذِ فِي هَذِهِ الْحِرْفَةِ فِي سَنَةٍ فَوَجْهُهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ هُوَ الْأُسْتَاذَ لِيَقُومَ عَلَيْهِ فِي تَعْلِيمِ النَّسْجِ سَنَةً بِأُجْرَةِ كَذَا ثُمَّ الْأُسْتَاذُ يَسْتَأْجِرُ التِّلْمِيذَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِيَعْمَلَ لِلْأُسْتَاذِ فِي تِلْكَ الْحِرْفَةِ بِأَجْرِ كَذَا هُوَ كَالْأَوَّلِ فَيَتَقَاصَّانِ.
(وَهَذِهِ نُسْخَةُ هَذَيْنِ الْعَقْدَيْنِ) هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ الْفُلَانِيُّ مِنْ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ اسْتَأْجَرَهُ لِيَقُومَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْمُسَمَّى فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَهُوَ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ مُتَلَقِّنٌ بِمَا يُلَقَّنُ مُتَعَلِّمٌ لِمَا يُعَلَّمُ فِي تَعْلِيمِهِ عَمَلَ الْخِيَاطَةِ فِي أَنْوَاعِ الثِّيَابِ بِأَنْوَاعِ الْخِيَاطَةِ فِي أَوْقَاتِ التَّعْلِيمِ وَيُلَقِّنُهُ فِي أَوْقَاتِ التَّلْقِينِ مَا هُوَ مِنْ جُمْلَتِهَا وَمُتَّصِلٌ بِهَا وَدَاخِلٌ فِيهَا سَنَةً كَامِلَةً أَوَّلُهَا كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ غِطْرِيفِيَّةٍ لَا يَأْلُو فِي جَهْدِهِ وَلَا يَمْنَعُ عَنْهُ نُصْحَهُ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ هَذَا الْوَالِدُ هَذِهِ الْأُجْرَةَ عِنْدَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَتَمَامِ هَذَا الْعَمَلِ وَسَلَّمَ إلَيْهِ هَذَا الْوَلَدَ فَقَبِلَهُ وَضَمِنَ الْقِيَامَ عَلَيْهِ لِتَعْلِيمِهِ ذَلِكَ كُلَّهُ وَتَفَرَّقَا ثُمَّ إنَّ هَذَا الْأُسْتَاذَ اسْتَأْجَرَ مِنْ هَذَا الْوَالِدِ هَذَا الْوَلَدَ فِي عُقْدَةٍ أُخْرَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ سَنَةً كَامِلَةً مُتَوَالِيَةً بَعْدَ هَذِهِ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْإِجَارَةِ الْأُولَى مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْإِجَارَةُ مَشْرُوطَةً فِي الْأُولَى أَوْ مُلْحَقَةً بِهَا أَوْ الْأُولَى مَشْرُوطَةٌ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ مُلْحَقَةٌ بِهَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ هَذَا الْوَلَدُ لِهَذَا الْأُسْتَاذِ فِي عَمَلِ الْخِيَاطَةِ فَيَخِيطُ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ مِنْ الثِّيَابِ وَيَعْمَلُ مَا يَتَّصِلُ بِهَا وَيَدْخُلُ فِيهَا فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ غِطْرِيفِيَّةٍ إجَارَةً صَحِيحَةً عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ هَذِهِ الْأُجْرَةَ عِنْدَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ.
(اكْتَرَى مُكَارِيًا لِيَحْمِلَ أَثْقَالَهُ عَلَى حُمُرِهِ) هَذَا مَا اكْتَرَى فُلَانٌ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ فُلَانٍ الْمُكَارِي اكْتَرَى مِنْهُ خَمْسَةَ أَحَمِرَةٍ مُعَيَّنَةٍ تَحْمِلُ لَهُ مِنْ الْأَثْقَالِ عَلَى كُلِّ حِمَارٍ مِنْهَا كَذَا مِنْ كُورَةِ سَمَرْقَنْدَ إلَى كُورَةِ بُخَارَى بِكَذَا كَذَا دِرْهَمًا كِرَاءً صَحِيحًا وَإِنَّ هَذَا الْمُكَارِيَ أَرَاهُ هَذِهِ الْحُمُرَ بِأَعْيَانِهَا وَرَضِيَ بِهَا هَذَا الْمُكْتَرِي وَسَلَّمَ هَذَا الْمُكْتَرِي إلَى هَذَا الْمُكَارِي الْأَثْقَالَ وَهِيَ كَذَا بِوَزْنِ كَذَا فَقَبَضَهَا هَذَا الْمُكَارِي وَقَبِلَ حَمْلَهَا عَلَى هَذِهِ الْحُمُرِ مِنْ كُورَةِ كَذَا إلَى كُورَةِ كَذَا وَيُسَلِّمُهَا إلَيْهِ فِي كُورَةِ كَذَا وَقَبَضَ مِنْهُ جَمِيعَ هَذَا الْكِرَاءِ قَبْضًا صَحِيحًا بِتَعْجِيلِ هَذَا الْمُكْتَرِي ذَلِكَ إلَيْهِ وَضَمِنَ هَذَا الْمُكَارِي لِهَذَا الْمُكْتَرِي كُلَّ دَرْكٍ يَلْحَقُهُ فِي ذَلِكَ ضَمَانًا صَحِيحًا وَذَلِكَ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا فَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- جَوَّزُوا ذَلِكَ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ وَالدَّبُوسِيُّ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَالْكِتَابَةُ الصَّحِيحَةُ فِي هَذَا عِنْدَهُمَا هَذَا مَا تَقَبَّلَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ تَقَبَّلَ مِنْهُ أَنْ يَحْمِلَ كَذَا كَذَا مَنًّا مِنْ الْقُطْنِ أَوْ يَكْتُبُ كَذَا كَذَا عَدَدًا مِنْ الْجَوْزِ أَوْ كَذَا كَذَا قَفِيزًا مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ كَذَا كَذَا ثَوْبًا يُبَيِّنُ جِنْسَهَا وَثِقَلَهَا مِنْ بَلْدَةِ كَذَا عَلَى كَذَا كَذَا مِنْ الْحُمُرِ أَوْ وَيَقُولُ عَلَى الْإِبِلِ السِّمَانِ الْفَارِهَةِ الْقَوِيَّةِ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ كُلُّ بَعِيرٍ مِنْهَا كَذَا رِطْلًا بِرِطْلِ كَذَا تَقَبُّلًا صَحِيحًا جَائِزًا لَا فَسَادَ فِيهِ وَلَا خِيَارَ بِكَذَا دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ ذَلِكَ مِنْ بَغْدَادَ مِنْ يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا وَيَسِيرُ بِهَا الْمَنَازِلَ عَلَى مَا عَرَفَهُ النَّاسُ وَيَحْفَظُهَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَيُسَلِّمُهَا إلَيْهِ بِكُورَةِ كَذَا فِي مَكَانِ كَذَا مِنْهَا وَقَبَضَ هَذَا الْمُتَقَبِّلُ.
مِنْهُ جَمِيعَ هَذَا الْأَجْرِ وَسَلَّمَ هَذَا الْمُتَقَبِّلُ جَمِيعَ هَذَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَصَارَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي يَدِهِ بِهَذِهِ الْقَبَالَةِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(وَثِيقَةُ الْكِرَاءِ لِلْحَجِيجِ) هَذَا مَا تَقَبَّلَ فُلَانُ مِنْ فُلَانٍ تَقَبَّلَ مِنْهُ حِمْلَانِ ثَلَاثَةِ مَحَامِلَ لِكُلِّ مَحْمَلٍ مِنْهَا رَاكِبَانِ وَقَدْ نَظَرَ إلَيْهِمَا هَذَا الْمُتَقَبِّلُ وَعَرَفَهُمَا بِأَعْيَانِهِمَا وَلِكُلِّ مَحْمَلٍ مِنْهَا مِنْ الْوِطَاءِ وَالدُّثُرِ كَذَا رِطْلًا بِرِطْلِ كَذَا وَلَهَا مِنْ الْكِسْوَةِ كَذَا رِطْلًا وَمِنْ الْمَعَالِيقِ مِنْ الدُّهْنِ وَالزَّيْتِ كَذَا كَذَا رِطْلًا وَمِنْ الْمَاءِ كَذَا وَمِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّوِيقِ وَالرُّبِّ وَالثَّمَرَةِ وَالْحَلْوَى كَذَا لِيَحْمِلَهَا عَلَى رَوَاحِلَ ثَلَاثٍ عَلَى إبِلٍ مُسِنَّاتٍ سِمَانٍ فَارِهَةٍ قَوِيَّةٍ وَذَلِكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمَا جَمِيعَ هَذِهِ الْمَحَامِلِ مِنْ الْوِطَاءِ وَالدُّثُرِ وَالْكِسَاءِ وَالرُّكْبَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَنَظَرَا إلَيْهَا وَعَرَفَاهَا بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَيَصِفُهَا قَبَالَةً صَحِيحَةً جَائِزَةً لَا فَسَادَ فِيهَا وَلَا خِيَارَ لِيَحْمِلَهَا فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا مِنْ بَلْدَةِ كَذَا عَلَى أَنْ يَسِيرَ بِهِمْ الْمَنَازِلَ وَيُنْزِلَهُمْ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَيَحُجَّ بِهِمْ وَيَهْدِيَهُمْ الْمَنَاسِكَ وَيُقِيمَ بِهِمْ بَعْدَ النَّفْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ يَرْجِعَ بِهِمْ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ وَيَسِيرَ بِهِمْ الْمَنَازِلَ وَيُنْزِلَهُمْ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَرْجِعَ بِهِمْ إلَى مَنَازِلِهِمْ بِبَلْدَةِ كَذَا وَقَدْ عَرَفُوهَا جَمِيعًا وَعَلَى أَنَّ لِهَؤُلَاءِ الرُّكْبَانِ أَنْ يَسْتَبْدِلُوهَا بِالْوِطَاءِ وَالدُّثُرِ وَالْكِسَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وُصِفَ فِيهِ وَيَعْمَلُوا فِيهَا بِرَأْيِهِمْ عَلَى أَنْ يَحْمِلُوا عَلَيْهَا عَلَى الْمِقْدَارِ الْمَوْصُوفِ فِيهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(فَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ بِأَعْيَانِهَا ذَكَرَهَا) كَمَا مَرَّ فِي الْحُمُرِ، وَحُكْمُ ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ سَقَطَتْ الْإِجَارَةُ وَفِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ لَا تَسْقُطُ وَلَوْ مَاتَ الْمُكَارِي فِي مِصْرٍ سَقَطَتْ الْإِجَارَةُ فَإِنْ مَاتَ فِي الْمَفَازَةِ بَقِيَتْ بِذَلِكَ الْأَجْرِ اسْتِحْسَانًا وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ وَقْتِ الْخُرُوجِ وَلَوْ مَضَتْ تِلْكَ السَّنَةُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا بِتَرَاضٍ وَتَجْدِيدِ عَقْدٍ.
(اكْتِرَاءُ السَّفِينَةِ وَتَقَبُّلُ الْحَمْلِ فِي السَّفِينَةِ) اسْتَأْجَرَ مِنْهُ جَمِيعَ السَّفِينَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ خَشَبِ كَذَا الْمَدْعُوَّةِ كَذَا بِأَلْوَاحِهَا وَرُفُوفِهَا وَمَجَادِيفِهَا وَمَرَادِيهَا وَشِرَاعِهَا وَدَقْلِهَا وَسُكَّانِهَا وَحُصُرِهَا وَجَمِيعِ آلَاتِهَا شَهْرًا أَوَّلُهُ كَذَا وَآخِرُهُ كَذَا عَلَى أَنْ يَحْمِلَ فِيهَا كَذَا كَذَا حِنْطَةً وَمِقْدَارُهَا كَذَا بِالْقَفِيزِ وَيَنْقُلَهَا مِنْ بَلْدَةِ كَذَا إلَى بَلْدَةِ كَذَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ مَعَ النَّاسِ وَيَسِيرَ مَعَهُمْ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَيَرْقَى إذَا رَقِيَ النَّاسُ وَيَسِيرَ مَعَهُمْ إذَا سَارُوا وَقَبَضَ هَذَا الْمُؤَاجِرُ جَمِيعَ هَذِهِ الْأُجْرَةِ مُعَجَّلَةً بِتَعْجِيلِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ وَقَبَضَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ جَمِيعَ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذِهِ الْإِجَارَةِ مِنْ يَدِ هَذَا الْمُؤَاجِرِ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَيْهِ فَارِغًا عَنْ كُلِّ مَانِعٍ وَمُنَازِعٍ وَتَفَرَّقَا بَعْدَ الرُّؤْيَةِ وَقَدْ ضَمِنَ لَهُ الدَّرْكَ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا كَتَبَ تَقَبَّلَ مِنْهَا حِمْلَانِ كَذَا بِوَزْنِ كَذَا وَكَيْلِ كَذَا مِنْ بَلْدَةِ كَذَا إلَى بَلْدَةِ كَذَا فِي سَفِينَةٍ مِنْ خَشَبِ كَذَا مِنْ سُفُنِ كَذَا صَحِيحَةً سَلِيمَةً مِنْ كُلِّ عَيْبٍ عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا بِنَفْسِهِ وَأُجَرَائِهِ وَأَعْوَانِهِ وَمَنْ أَحَبَّ مِنْ النَّاسِ، وَيُنْهِي الْكِتَابَ كَالْأَوَّلِ.
(وَإِذَا حَضَرَ لِكِتَابَةِ وَثِيقَةِ إجَارَةِ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ) فَالْكَاتِبُ يَكْتُبُ عَلَى إقْرَارِهِ بِإِجَارَةِ كَذَا مِنْ فُلَانٍ وَقَبَضَ مَالَ الْإِجَارَةِ مِنْهُ لَكِنْ فِيهِ خَطَرُ أَنَّ ذَلِكَ الْمُقَرَّ لَهُ لَوْ جَاءَ وَجَحَدَ الِاسْتِئْجَارَ وَأَرَادَ اسْتِرْدَادَ الْمَالِ الَّذِي أَقَرَّ هَذَا بِقَبْضِهِ مِنْهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَالْوَجْهُ فِيهِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ إمَّا أَنْ يَكْتُبَ إقْرَارَهُ أَنَّهُ قَبَضَ هَذَا الْأَجْرَ وَلَكِنْ لَا يَكْتُبُ مِنْ فُلَانٍ فَيَصِحُّ الْقَبْضُ وَيَسْقُطُ الْأَجْرُ وَلَوْ جَاءَ يَطْلُبُ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ مَا قَبَضْتُهُ مِنْكَ وَإِمَّا أَنْ يَكْتُبَ وَقَدْ سَقَطَ هَذَا الْأَجْرُ عَنْ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ بِوَجْهٍ يَصِحُّ سُقُوطُهُ عَنْهُ وَلَا يَذْكُرُ قَبْضًا وَكَذَا هَذَا فِي ذِكْرِ الشِّرَاءِ وَالثَّمَنِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
(اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ) تَقَبَّلَ مِنْ فُلَانٍ الْمُتَوَلِّي لِأُمُورِ الْوَقْفِ الْمَنْسُوبِ إلَى فُلَانٍ بِتَوْلِيَةِ الْقَاضِي فُلَانٍ جَمِيعَ أَرْضِ الْكَرْمِ الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا الْوَقْفِ الَّذِي يَتَوَلَّى هَذَا الْمُتَوَلِّي أُمُورَهُ وَيَحُدُّهُ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا كُلِّهَا دُونَ أَشْجَارِهَا وَزَرَاجِينِهَا وَقُضْبَانِهَا وَجُدْرَانِهَا فَإِنَّهَا صَارَتْ لِهَذَا الْمُتَقَبِّلِ سَابِقًا عَلَى هَذِهِ الْقَبَالَةِ بِمِلْكٍ ثَابِتٍ وَحَقٍّ لَازِمٍ وَقَدْ عَرَفَهَا هَذَانِ الْمُتَعَاقِدَانِ وَعَقَدَا هَذِهِ الْعُقْدَةَ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضِ وَحْدَهَا سَنَةً كَامِلَةً أَوَّلُهَا كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا وَهِيَ مِثْلُ أُجْرَةِ هَذَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَقَبَضَ هَذَا الْمُتَوَلِّي جَمِيعَ أُجْرَةِ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذِهِ الْقُبَالَةِ مُعَجَّلَةً بِتَعْجِيلِ هَذَا الْمُتَقَبِّلِ ذَلِكَ كُلِّهِ لَهُ وَقَبَضَ هَذَا الْمُتَقَبِّلُ جَمِيعَ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ عُقْدَةُ هَذِهِ الْقَبَالَةِ بِتَسْلِيمِ هَذَا الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَيْهِ فَارِغًا مِنْ كُلِّ مَانِعٍ وَمُنَازِعٍ وَتَفَرَّقَا ثُمَّ إنَّ هَذَا الْمُتَوَلِّيَ رَدَّ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ إلَى هَذَا الْمُتَقَبِّلِ وَأَمَرَهُ بِأَدَاءِ خَرَاجِهَا مِنْهَا إذَا جَاءَ وَقْتُهَا وَبِكَرْيِ أَنْهَارِهَا وَإِصْلَاحِ مُسِنَّاتِهَا إذَا وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهَا مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ بِالْمَعْرُوفِ وَوَكَّلَهُ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى عَزَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ وَكِيلٌ بِذَلِكَ مِنْ جِهَتِهِ مُسْتَأْنَفًا وَقَبِلَ مِنْهُ هَذِهِ الْوَكَالَةَ مُشَافَهَةً وَأَشْهَدَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَإِنْ أَرَدْتَ كِتَابَةَ إجَارَةِ الطَّاحُونَةِ إذَا كَانَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى نَهْرٍ خَاصٍّ لَهَا) كَتَبْتَ: هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الطَّاحُونَةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى نَهْرٍ خَاصٍّ لَهَا وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى خَمْسَةِ تَوَابِيتَ مُرَكَّبَاتٍ مِنْ الْأَلْوَاحِ الْخَشَبِيَّةِ فِي أَرْبَعَةٍ مِنْهَا أَرْبَعُ رَحَيَاتٍ دَوَّارَاتٍ وَالتَّابُوتُ الْخَامِسُ الْمَعْرُوفُ (شامحة) ذَكَرَ هَذَا الَّذِي آجَرَ أَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الطَّاحُونَةِ لَهُ وَمِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدَيْهِ وَمَوْضِعُهَا فِي أَرْضِ قَرْيَةِ كَذَا مِنْ قُرَى كُورَةِ كَذَا مِنْ عَمَلِ كَذَا وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى نَهْرٍ خَاصٍّ لَهُ يَأْخُذُ مَاءَهُ مِنْ وَادِي كَذَا ثُمَّ يَصُبُّهُ فِيهِ وَأَحَدُ حُدُودِهَا مَعَ النَّهْرِ الْخَاصِّ كَذَا وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ كَذَا بِحُدُودِهَا كُلِّهَا وَحُقُوقِهَا فَإِنْ كَانَتْ إجَارَتُهَا عَلَى سَبِيلِ الْمُقَاطَعَةِ كَتَبْتَ بَعْدَ ذِكْرِ الْحُدُودِ: اسْتَأْجَرَ مِنْهُ جَمِيعَ ذَلِكَ سَنَةً وَاحِدَةً أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَاتٍ أَوَّلُهَا غُرَّةُ شَهْرِ كَذَا مُسَانَهَةً أَوْ مُشَاهَرَةً كُلُّ سَنَةٍ بِكَذَا دِرْهَمًا أَوْ كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا دِرْهَمًا لِيَنْتَفِعَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا بِمَا اسْتَأْجَرَهُ بِالِاسْتِغْلَالِ وَطَحْنِ الْحُبُوبِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَمَا شَاكَلَهُمَا وَيُؤَدِّي قِسْطَ كُلِّ سَنَةٍ عِنْدَ انْقِضَائِهَا وَقَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ هَذَا جَمِيعَ مَا اسْتَأْجَرَهُ قَبْضًا صَحِيحًا مُفَرَّغًا عَمَّا يَشْغَلُهُ بِتَسْلِيمِ هَذَا الَّذِي آجَرَهُ وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ هَذَا الْعَقْدِ بَعْدَ صِحَّتِهِ تَفَرُّقَ الْأَقْوَالِ وَالْأَبْدَانِ.
(وَإِذَا أَرَدْتَ كِتَابَةَ اسْتِئْجَارِ الْمُجَمِّدَةِ بِفَارِقِينَهَا) كَتَبْتَ: هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ جَمِيعَ الْمُجَمِّدَةِ الَّتِي لَهَا فَارِقِينِ مُتَّصِلٌ بِهَا بِفَارِقِينَهَا ذَكَرَ هَذَا الَّذِي آجَرَ أَنَّ جَمِيعَهَا مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدَيْهِ وَيَذْكُرُ الْمَوْضِعَ وَالْحُدُودَ ثُمَّ يَقُولُ بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهِمَا وَجَمِيعِ مَرَافِقِهِمَا الَّتِي لَهُمَا مِنْ حُقُوقِهِمَا سَنَةً أَوْ ثَلَاثَ سِنِينَ وَإِنْ كَانَ الْفَارِقِينُ الْوَاحِدُ مُشْتَمِلًا عَلَى مَجَامِدَ كَثِيرَةٍ ذَكَرْتَ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ جَمِيعَ الْفَارِقِينَ الْمُشْتَمِلِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَجَامِدَ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى حَسَبِ مَا يَكُونُ وَيَذْكُرُ الْمَوْضِعَ وَالْحُدُودَ ثُمَّ يَكْتُبُ ذَكَرَ هَذَا الَّذِي آجَرَ أَنَّ جَمِيعَهَا لَهُ وَمِلْكُهُ وَفِي يَدَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ جَمِيعَ هَذِهِ الْمَجَامِدِ بِفَارِقِينَهَا كَذَا كَذَا سَنَةً بِكَذَا دِرْهَمًا إجَارَةً صَحِيحَةً يَنْتَفِعُ بِهَذِهِ الْمَجَامِدِ بِوَضْعِ الْجُمُدِ وَيُؤَدِّي قِسْطَ كُلِّ سَنَةٍ عِنْدَ انْقِضَائِهَا ثُمَّ يُتِمُّ الصَّكَّ إلَى آخِرِهِ.
(وَإِذَا أَرَدْتَ كِتَابَةَ إجَارَةِ الضَّيْعَةِ الْمَوْقُوفَةِ أَصْلُهَا كَضِيَاعِ نَهْرِ الْمُوَالَى بِفِنَاءِ كُورَةِ بُخَارَى) كَتَبْتَ: هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ أَصْلِ الضَّيْعَةِ الَّتِي هِيَ كَرْمٌ مَحُوطٌ مَبْنِيٌّ بِقَصْرِهِ وَخَمْسُ دَبَرَاتِ أَرْضٍ مُتَلَازِقَاتٍ مُتَّصِلَاتٍ بِهِ خَلْفَهُ أَوْ أَمَامَهُ أَوْ حَوْلَهُ ذَكَرَ هَذَا الَّذِي آجَرَ أَنَّ مَا فِي هَذِهِ الضَّيْعَةِ مِنْ الكردارات مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدَيْهِ وكراداراته حِيطَانُ هَذَا الْكَرْمِ الْمَبْنِيَّةِ حَوْلَهُ وَبِنَاءُ قَصْرِهِ وَأَشْجَارُ هَذِهِ الضَّيْعَةِ كِبَارُهَا وَصِغَارُهَا الْمُثْمِرَةُ وَغَيْرُ الْمُثْمِرَةِ وَتُرَابُ جَمِيعِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ الَّذِي كَبَسَ بِهِ وَجْهَ الْأَرْضِ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ بِمِقْدَارِ نِصْفِ ذِرَاعٍ عُمْقُهَا وَمَا تَحْتَ تُرَابِهَا الْمَكْبُوسِ بِهِ وَجْهُ الْأَرْضِ وَقْفٌ مِنْ الْأَوْقَافِ الْمَنْسُوبَةِ إلَى الْأَمِيرِ (سَاسْ بِكِينْ) الَّتِي وَقَفَهَا عَلَى حَانُوتِهِ وَتُعْرَفُ هِيَ بِالْأَوْقَافِ الْحَانُوتِيَّةِ وَفِي يَدَيْ هَذَا الَّذِي آجَرَ بِحَقِّ اسْتِئْجَارِهِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِجَارَةِ مِنْهُ مُسَانَهَةً سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةِ الْمِقْدَارِ الَّتِي هِيَ أَجْرُ مِثْلِهِ.
وَأَنَّ هَذَا الَّذِي آجَرَ يُؤَاجِرُ مَا فِي إجَارَتِهِ مِنْ الْوَقْفِ إجَارَةً عَلَى الْإِجَارَةِ وَمَا هُوَ مِلْكُهُ مِنْ أَصْلِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ يُؤَاجِرُهُ مَعَ الْوَقْفِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِحَقِّ الْمِلْكِ ثُمَّ يَذْكُرُ الْمَوْضِعَ وَالْحُدُودَ لِلضَّيْعَةِ ثُمَّ يَقُولُ بِحُدُودِ مَا ثَبَتَ إجَارَتُهُ فِيهِ الَّذِي هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ مِنْ أَصْلِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ وَحُقُوقِهِ وَجَمِيعِ مَرَافِقِهِ الَّتِي هِيَ لَهُ مِنْ حُقُوقِهِ بَعْدَ مَا بَاعَهُ هَذَا الَّذِي آجَرَ جَمِيعَ أَشْجَارِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ وَزَرَاجِينِ هَذَا الْكَرْمِ وَقُضْبَانِهِ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَاشْتَرَاهَا مِنْهُ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ شِرَاءً صَحِيحًا وَتَقَابَضَا قَبْضًا صَحِيحًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ مَا تَثْبُتُ إجَارَتُهُ فِيهِ مَعَ هَذَا الْقَصْرِ فِي هَذَا الْكَرْمِ إحْدَى وَثَلَاثِينَ سَنَةً مُتَوَالِيَةً غَيْرَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً مِنْ مُقَدِّمَاتِ هَذِهِ السِّنِينَ أَوَّلُهَا غُرَّةُ الْمُحَرَّمِ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ كَذَا بِكَذَا دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا نِصْفُهَا كَذَا ثَلَاثِينَ سَنَةً مِنْ أَوَائِلِهَا غَيْرَ الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْهَا بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ مِنْ مَالِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ مِنْ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ كُلُّ سَنَةٍ مِنْهَا غَيْرُ مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ أَيَّامِهَا بِمَا يَخُصُّهَا مِنْ نِصْفِ دِينَارٍ مِنْ مَالِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ وَالسَّنَةُ الْأَخِيرَةُ الَّتِي هِيَ تَتِمَّةُ هَذِهِ الْمُدَّةِ بِبَقِيَّةِ مَالِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ وَيُتِمُّ الصَّكَّ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْحَاكِمُ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِي لَفْظِ الْيَتِيمِ مَعَ الْأَبِ مُسَامَحَةً فِي الْمَمْلُوكَاتِ بَيْنَ الْبَالِغِينَ.
وَأَمَّا فِي أَمْوَال الْأَيْتَامِ فَإِنْ كَانَتْ لِلْيَتِيمِ دَارٌ وَأَرَادَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ إجَارَتَهَا لَمْ يَصِحَّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ الْمَرْسُومَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ اسْتِئْجَارَهَا لِلْيَتِيمِ لَمْ يَجُزْ فِي السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ فِيهَا يَقَعُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَوْقَافِ (قَالَ) الْوَجْهُ فِي الْإِجَارَةِ لِلْيَتِيمِ أَنْ يَعْقِدَ الْعَقْدَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَيُبْرِئَ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ فَيَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمِهِمَا اللَّهُ تَعَالَى- فِيمَا بَاشَرَاهُ ثُمَّ يُقِرَّانِ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِمَالٍ هُوَ عَلَى قَدْرِ مَالِ الْإِجَارَةِ مُؤَجَّلًا إلَى انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ فَإِذَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ طَالَبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- (وَلَهُ وَجْهٌ آخَرُ) أَنْ يُقِرَّ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ بِقَبْضِهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَيَبْرَأَ الْمُسْتَأْجِرُ وَيَضْمَنَانِ.
فَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَتَوَثَّقَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ- تَعَالَى- فَإِنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ وَإِنْ أَقَرَّا بِقَبْضِ مَالِ الْإِجَارَةِ لَمْ يَبْرَأْ الْمُسْتَأْجِرُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ- تَعَالَى- فَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ مِنْهَا شَيْئًا بِثَمَنٍ هُوَ مِثْلُ تِلْكَ الْأُجْرَةِ وَالْأَحْوَطُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ الْإِبْرَاءُ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالْقَبْضِ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِفَسْخِهَا أَوْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَجَبَ مَالَانِ أَحَدُهُمَا الْمُقَرُّ بِهِ وَالثَّانِي مَالُ الْإِجَارَةِ الَّذِي أَقَرَّ بِقَبْضِهِ وَلَمْ يَضْمَنْ بِسَبَبِ الْإِبْرَاءِ عَنْ مَالِ الْإِجَارَةِ شَيْئًا (وَهُنَا شَيْءٌ يَجِبُ أَنْ يُتَحَرَّزَ عَنْهُ) وَهُوَ أَنَّ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْوُجُوهِ ضَرَرًا لِلْمُؤَاجِرِ وَفِي بَعْضِهَا ضَرَرًا لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْمُقَرَّ بِهِ إنْ جُعِلَ مُؤَجَّلًا إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ تَضَرَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بِهِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ عَسَى تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ أَوْ بِالْفَسْخِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَيَبْقَى الْمَالُ مُؤَجَّلًا إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَيَتَضَرَّرُ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِنْ جُعِلَ مُؤَجَّلًا إلَى وَقْتِ الْفَسْخِ كَانَ وَقْتُ الْفَسْخِ مَجْهُولًا وَالتَّأْجِيلُ إلَيْهِ يَبْطُلُ فَبَقِيَ الْمَالُ حَالًّا فَيَتَضَرَّرُ الْمُؤَاجِرُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُؤَاخِذُهُ بِالْمَالِ حَالًّا.
وَالشَّيْءُ الْمُسْتَأْجَرُ فِي يَدِهِ بِحَقِّ الْإِجَارَةِ بِغَيْرِ بَدَلٍ أَدَّاهُ فَالسَّبِيلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ الْمَالَ مُؤَجَّلًا إلَى وَقْتِ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ ثُمَّ يُوَكِّلَ الْمُسْتَأْجِرَ بِإِبْطَالِ هَذَا الْأَجَلِ مَتَى انْفَسَخَ هَذَا الْعَقْدُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى عَزَلَهُ عَادَ مَأْذُونًا لَهُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ زَالَ الضَّرَرُ عَنْهُمَا جَمِيعًا وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ التَّوْكِيلِ بِوَقْتٍ مُنْتَظَرٍ وَعَلَى هَذَا أَمْرُ الْوَقْفِ وَلَمْ يَفْصِلْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي الْوَقْفِ بَيْنَ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَالْقَصِيرَةِ وَكَذَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَبَعْضُهُمْ أَبْطَلُوا فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ مَخَافَةَ التَّمَلُّكِ فَالْوَجْهُ فِيهِ أَنْ يُلْحِقَ بِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ فَأَمَّا الِاسْتِئْجَارُ لِلْيَتِيمِ أَوْ لِلْوَقْفِ فَهَذَا الْوَجْهُ جَارٍ فِيهِ (قَالَ) مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَوَجْهٌ آخَرُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ مَثَلًا عَلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً بِأَلْفٍ فَيَنْظُرَ كَمْ أَجْرُ مِثْلِ هَذَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ فَإِنْ كَانَ مَثَلًا خَمْسِينَ دِرْهَمًا عَقَدَ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ كُلُّ سَنَةٍ بِسُدُسِ دِرْهَمٍ وَالسَّنَةُ الْأَخِيرَةُ بِبَقِيَّةِ الْمَالِ حَتَّى يَقَعَ الْعَقْدُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ وَيُجَدِّدُ الْعَقْدَ هَكَذَا فِي كُلِّ عَشْرِ سِنِينَ وَيَعْقِدُ عَلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً وَهَذَا مَجْمُوعُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْحَاكِمُ الْإِمَامُ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-.
(فَإِنْ أَرَادَ كِتَابَةَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ) كَتَبَ هَذَا مَا فَسَخَ فُلَانٌ إجَارَةَ الْمَنْزِلِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ وَيَحُدُّ الْمَنْزِلَ إجَارَةً طَوِيلَةً بِكَذَا دِرْهَمًا أَوَّلُهَا تَارِيخُ كَذَا وَآخِرُهَا كَذَا فَسَخَ هَذِهِ الْإِجَارَةَ فِي الْأَيَّامِ الْمَشْرُوطِ لَهُ فِيهَا الْخِيَارُ وَهُوَ يَوْمُ كَذَا وَيَذْكُرُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ مِنْ أَيَّامِ خِيَارِهِ وَالْأَوْسَطَ وَالْآخِرَ فَسْخًا صَحِيحًا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ مَنْ أَثْبَتَ شَهَادَتَهُ فِي آخِرِ هَذَا الذِّكْرِ وَأَصَحُّ الْفَسْخِ فِي هَذَا أَنْ يَفْسَخَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوْسَطِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْيَوْمِ الْآخِرِ أَوْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَسَى أَنْ يَقَعَ الْفَسْخُ قَبْلَ ثُبُوتِ الْخِيَارِ أَوْ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ مَا قُلْنَا (وَإِنْ كَانَ لِنَوْعٍ مِنْ الْأَعْمَالِ وَالصِّنَاعَاتِ كَالْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا) بَيَّنْتَ وَقُلْتَ يَسْتَعْمِلُهُ بِالْخِيَاطَةِ فِي أَنْوَاعِ الثِّيَابِ كُلِّهَا وَجَمِيعِ مَا يُخَاطُ عَلَى مَا رَأَى وَأَحَبَّ وَيُؤَاجِرُهُ مِمَّنْ أَحَبَّ وَيُسَافِرُ بِهِ إنْ بَدَا لَهُ يَعْمَلُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ وَإِنْ كَانَ لِلْخِدْمَةِ وَالْأَعْمَالِ وَالصِّنَاعَاتِ كُلِّهَا بَيَّنْتَ ذَلِكَ ثُمَّ تُبَيِّنُ حَدِيثَ الْأَجْرِ مِنْ التَّأْجِيلِ وَالتَّعْجِيلِ وَالتَّأْقِيتِ وَبَيَّنْتَ الرُّؤْيَةَ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَالَ إجَارَةُ مَحْدُودِ الصَّغِيرِ أَوْ الْوَقْفِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ لَا تَجُوزُ وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْمُقَاطَعَةُ وَهِيَ هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَاطَعَةِ فُلَانٌ- أَعْنِي رَبَّ الْمَالِ- مِنْ فُلَانٍ الْقَيِّمِ فِي تَسْوِيَةِ أُمُورِ الصَّغِيرِ فُلَانٍ الثَّابِتِ الْقِوَامَةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّهُ يُؤَجِّرُهُ مِنْ هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ بِهَذِهِ الْوِلَايَةِ وَالْقِوَامَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ بِالْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ يَوْمَئِذٍ أَجْرُ الْمِثْلِ لِهَذَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لَا وَكْسَ فِيهِ وَلَا شَطَطَ وَيَذْكُرُ الْحُدُودَ وَيُتِمُّ الصَّكَّ إلَى آخِرِهِ.
(وَإِنْ كَانَتْ الْمُقَاطَعَةُ لِلْمَنْزِلِ الْمُسْتَأْجَرِ) كَمَا هُوَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْمُعَامَلَاتِ بِأَنْ يُؤَاجِرَ رَجُلٌ مَنْزِلَهُ مِنْ آخَرَ بِمَالٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ يَسْتَأْجِرَهُ الْآخَرُ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَاطَعَةِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَيَضْمَنُ الْآجِرُ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ مَالِكُ الْمَنْزِلِ بِتِلْكَ الْأُجْرَةِ الْمُقَدَّرَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا يَكْتُبُ بَعْدَ تَمَامِ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ كَتَبَهَا عَلَى ظَهْرِ الصَّكِّ: هَذَا مَا اسْتَأْجَرَ فُلَانٌ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَاطَعَةِ مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَذْكُورُ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الِاسْتِئْجَارِ جَمِيعَ هَذَا الْمَنْزِلِ الْمُبَيَّنِ مَوْضِعُهُ وَحُدُودُهُ فِي هَذَا الصَّكِّ إنْ كَانَ يَكْتُبُهَا عَقِيبَ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ وَإِنْ كَانَ يَكْتُبُهَا عَلَى ظَهْرِ الصَّكِّ يَكْتُبُ: هَذَا الْمَنْزِلُ الْمُبَيَّنُ مَوْضِعُهُ وَحُدُودُهُ فِي بَطْنِهِ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ وَمَرَافِقِهِ الَّتِي هِيَ مِنْ حُقُوقِهِ بَعْدَمَا زَادَ الْآجِرُ الثَّانِي هَذَا وَهُوَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ هَذَا الصَّكِّ فِي هَذَا الْمَنْزِلِ الْمَحْدُودِ فِيهِ زِيَادَةً طَابَ لَهُ الْفَضْلُ مَا بَيْنَ الْأُجْرَتَيْنِ مُشَاهَرَةً مِنْ أَوَّلِ يَوْمِ كَذَا يَكْتُبُ يَوْمًا بَعْدَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ إلَى مُنْتَهَى مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْأُولَى الْمَذْكُورَةِ فِيهِ غَيْرِ الْأَيَّامِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْهَا الْمَذْكُورَةِ فِيهِ كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا دِينَارًا اسْتِئْجَارًا صَحِيحًا لِيَسْكُنَ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ بِنَفْسِهِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَسْكَنَ غَيْرَهُ فِيهِ مُدَّةَ هَذِهِ الْإِجَارَةِ وَإِنَّ هَذَا الْآجِرَ الثَّانِيَ الْمَذْكُورَ فِيهِ آجَرَهُ مِنْ هَذَا الْمُقَاطِعِ كَذَلِكَ بِهَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ إجَارَةً صَحِيحَةً خَالِيَةً عَمَّا يُبْطِلُهَا وَتَمَّ التَّسْلِيمُ وَالتَّسَلُّمُ بَيْنَهُمَا فِيمَا ثَبَتَ إجَارَتُهُ عَلَى قَضِيَّةِ الشَّرْعِ وَتَفَرَّقَا بَعْدَمَا ضَمِنَ الْآجِرُ الْأَوَّلُ الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ هَذَا الصَّكِّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي وَهُوَ الْمُقَاطِعُ هَذَا مَا يَجِبُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ هَذَا وَهُوَ الْآجِرُ الثَّانِي هَذَا عَلَى هَذَا الْمُقَاطِعِ وَهُوَ الْمُسْتَأْجِرُ الثَّانِي مِنْ هَذِهِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ ضَمَانًا صَحِيحًا مُتَعَلِّقًا بِاللُّزُومِ وَرَضِيَ بِهِ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ وَأَجَازَ ضَمَانَهُ هَذَا عَنْهُ لِنَفْسِهِ فِي مَجْلِسِ الضَّمَانِ إجَازَةً صَحِيحَةً وَيُتِمُّ الصَّكَّ، وَاَللَّهُ- تَعَالَى- أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
(نَوْعٌ آخَرُ) إذَا دَفَعَ الْأَرَاضِيَ مُزَارَعَةً وَالْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ عَيْنًا يَكْتُبُ: هَذَا مَا دَفَعَ الدِّهْقَانُ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ الْحَرَّاثِ دَفَعَ إلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ الْمُزَارَعَةِ جَمِيعَ الضَّيْعَةِ الَّتِي هِيَ كَذَا دَبْرَةَ أَرْضٍ بَيْضَاءَ صَالِحَةٍ لِلزِّرَاعَةِ ذَكَرَ الدَّافِعُ هَذَا أَنَّهَا مِلْكُهُ وَحَقُّهُ وَفِي يَدَيْهِ وَمَوْضِعُهَا فِي أَرْضِ قَرْيَةِ كَذَا بِنَاحِيَةِ كَذَا حُدُودُهَا كَذَا وَكَذَا بِحُدُودِهَا وَحُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا الَّتِي هِيَ لَهَا مِنْ حُقُوقِهَا وَبَذْرًا مَعَهَا بِعَيْنِهِ وَذَلِكَ كُرُّ حِنْطَةٍ سَقِيَّةٍ جَيِّدَةٍ بَيْضَاءَ نَقِيَّةٍ وَهُوَ كَذَا قَفِيزًا بِالْقَفِيزِ الَّذِي يُعْرَفُ بِكَذَا ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَاتٍ أَوَّلُهَا يَوْمُ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا وَآخِرُهَا يَوْمُ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا مُزَارَعَةً صَحِيحَةً لَا فَسَادَ فِيهَا وَلَا خِيَارَ وَلَا مُوَاعَدَةَ لِيَزْرَعَهَا هَذَا الْمَزَارِعُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ هَذَا الْبَذْرُ الْمَذْكُورُ فِيهِ وَيَقُومُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَأُجَرَائِهِ وَأَعْوَانِهِ وَبَقَرِهِ وَأَدَوَاتِهِ وَيَعْمَلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِرَأْيِهِ عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ- تَعَالَى- مِنْ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ كُلُّهُ حَبُّهُ وَتِبْنُهُ بَيْنَ هَذَا الدَّافِعِ وَبَيْنَ هَذَا الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ نِصْفَيْنِ أَوْ أَثْلَاثًا عَلَى حَسَبِ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ وَقَبِلَ هَذَا الْمُزَارِعُ عُقْدَةَ هَذِهِ الْمُزَارَعَةِ مِنْ هَذَا الدَّافِعِ قَبُولًا صَحِيحًا وَقَبَضَ هَذَا الْمَزَارِعُ جَمِيعَ هَذِهِ الْأَرَاضِي وَجَمِيعَ هَذَا الْبَذْرِ مِنْ هَذَا الدَّافِعِ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَيْهِ تَسْلِيمًا صَحِيحًا عَمَلًا مِنْهُمَا بِقَوْلِ مَنْ يَرَى جَوَازَ الْمُزَارَعَةِ مِنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَتَفَرَّقَا عَنْ مَجْلِسِ هَذِهِ الْمُزَارَعَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا وَتَمَامِهَا تَفَرُّقَ الْأَبْدَانِ وَالْأَقْوَالِ وَضَمِنَ هَذَا الدَّافِعُ لِهَذَا الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ مَا أَدْرَكَ مِنْ دَرْكٍ فِي ذَلِكَ.
وَإِنْ أَرَادَا أَنْ يَصِيرَ الْعَقْدُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ يُلْحِقُ بِآخِرِهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ فَيَكْتُبُ: وَحَكَمَ قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ بِصِحَّةِ هَذِهِ الْمُزَارَعَةِ بَعْدَ خُصُومَةٍ مُعْتَبَرَةٍ وَقَعَتْ مِنْهُمَا وَأَشْهَدَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا التِّبْنَ فِي الْوَثِيقَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ سَكَتَا عَنْهُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَإِذَا شَرَطَاهُ بَيْنَهُمَا فَعَلَى الشَّرْطِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا كَذَا سَنَةً عَلَى أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا مَا بَدَا لَهُ مِنْ الْأَشْجَارِ وَمَا خَرَجَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ جَازَ وَالْغَرْسُ لِلْغَارِسِ وَالثَّمَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّوْقِيتِ وَعِنْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ يُؤْمَرُ بِقَلْعِ الْأَشْجَارِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَذْرُ عَيْنًا وَالرَّأْيُ إلَى الدَّافِعِ كَتَبْتَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَى ذِكْرِ الْحُقُوقِ وَلَمْ تَكْتُبْ بِذَارًا مَعَهَا بَلْ كَتَبْتَ: لِيَزْرَعَهَا هَذَا الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مَا بَدَا لِهَذَا الدَّافِعِ بِبَذْرِ هَذَا الدَّافِعِ مِنْ غَلَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَلَا يُذْكَرُ قَبْضُ الْبَذْرِ عِنْدَ قَبْضِ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ عَيْنًا مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ كَتَبْتَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا هَذَا الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْأَرْضُ بِبَذْرِ نَفْسِهِ وَهُوَ كُرُّ حِنْطَةٍ سَقِيَّةٍ بَيْضَاءَ نَقِيَّةٍ جَيِّدَةٍ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا قَفِيزًا بِقَفِيزِ كَذَا وَلَا يُذْكَرُ قَبْضُ الْبَذْرِ مَعَ قَبْضِ الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ غَيْرَ عَيْنٍ وَالرَّأْيُ فِيهِ إلَى الْمُزَارِعِ كَتَبْتَ: لِيَزْرَعَهَا هَذَا الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مَا بَدَا لَهُ بِبَذْرِ نَفْسِهِ مِنْ غَلَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، وَحُكْمُ الدَّرْكِ فِي.
هَذَا يَكُونُ رَاجِعًا إلَيْهِمَا فَإِنَّ الْأَرْضَ لَوْ اُسْتُحِقَّتْ قَبْلَ بُلُوغِ الزَّرْعِ كَانَ الْمُزَارِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَلَعَ الزَّرْعَ مَعَ الدَّافِعِ وَقَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الدَّافِعُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنْ الزَّرْعِ وَكَانَ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلدَّافِعِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الزَّرْعُ دُونَ الْأَرْضِ كَانَ لِلدَّافِعِ عَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ وَيَرْجِعُ حُكْمُ ضَمَانِ الدَّرْكِ إلَيْهِمَا جَمِيعًا فَيُكْتَبُ فِي مَوْضِعِ الدَّرْكِ فَمَا أَدْرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ دَرْكٍ فِي جَمِيعِ مَا وُصِفَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ تَسْلِيمُ مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَأْخُذَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مُزَارَعَةً كَتَبَ هَذَا مَا دَفَعَ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ جَمِيعَ حِصَّتِهِ مِنْ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ وَهِيَ النِّصْفُ مَشَاعًا سَهْمٌ مِنْ سَهْمَيْنِ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ مُزَارَعَةً صَحِيحَةً ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَاتٍ مِنْ لَدُنْ غُرَّةِ شَهْرِ كَذَا عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَنَفَقَتِهِ وَأُجَرَائِهِ وَأَعْوَانِهِ فَمَا أَخْرَجَ اللَّهُ- تَعَالَى- مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا الثُّلُثُ لِلدَّافِعِ وَالثُّلُثَانِ لِلْمُزَارِعِ وَيُنْهَى الْكِتَابُ عَلَى نَحْوِ مَا بَيَّنَّا، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْمُزَارِعِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ جِهَةِ الدَّافِعِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْعَامِلِ وَنِصْفُ أَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ شَرِيكَهُ فِي الْأَرْضِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِي أَرْضٍ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الزَّارِعِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ، وَاسْتِئْجَارُ شَيْءٍ مُشْتَرَكٍ جَائِزٌ، وَهَذَا كَمَا قَالُوا فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ.
(مَنْ) آجَرَ أَرْضًا سَنَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ إنَّهُ دَفَعَهَا إلَى الْمُؤَاجِرِ مُزَارَعَةً إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُؤَاجِرِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمُسْتَأْجِرِ جَازَ.
(وَأَمَّا كِتَابَةُ الْمُعَامَلَاتِ) فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُعَامَلَاتِ جَائِزَةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْأَشْجَارِ وَالزَّرَاجِين وَالْقُضْبَانِ وَالْبُقُولِ وَالرِّطَابِ وَأُصُولِ الْقَصَبِ وَالثِّمَارِ الَّتِي لَمْ تُونِعْ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْبُتُ وَيُقْطَعُ، وَكَذَلِكَ يَجِيءُ عَلَى مَذْهَبِهِمَا أَنْ تَجُوزَ عِنْدَهُمَا عَلَى الْمِلْحِ إنْ كَانَ مَائِعًا وَيَجْمُدُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى سَوْقِ الْمَاءِ وَقَالَا فِي الْقِيرِ وَالنِّفْطِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى سَوْقِ الْمَاءِ وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ فِي كُلِّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عِنْدَهُمَا إذَا كَانَتْ تَحْتَاجُ إلَى الْمُعَالَجَةِ لِتَنْمُوَ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ فَلَا (ثُمَّ وَجْهُ الْكِتَابَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ) أَنْ يَكْتُبَ: هَذَا مَا دَفَعَ فُلَانٌ إلَى فُلَانٍ جَمِيعَ الرُّطَبَةِ الْقَائِمَةِ فِي مَوْضِعِ كَذَا أَوْ جَمِيعَ الْكَرْمِ بِجَمِيعِ مَا فِيهِ مِنْ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ الْمُثْمِرِ وَيُبَيِّنَ الْحُدُودَ بِحُدُودِهِ وَحُقُوقِهِ سَنَةً وَاحِدَةً اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مُتَوَالِيَةً مِنْ لَدُنْ غُرَّةِ شَهْرِ كَذَا مُعَامَلَةً صَحِيحَةً لَا فَسَادَ فِيهَا وَلَا خِيَارَ لِيَقُومَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ وَيَسْقِيَهُ وَيَحْفَظَهُ وَيَكْسَحَ كَرْمَهُ وَيَقُومَ بِتَشْذِيبِهِ- وَالتَّشْذِيبُ قَطْعُ مَا اصْفَرَّ مِنْ الْأَغْصَانِ وَيَبِسَ مِنْهَا- وَإِيَامَتِهِ.
وَتَلْقِيحِ نَخْلِهِ وَتَأْبِيرِهِ بِنَفْسِهِ وَبِأُجَرَائِهِ وَأَعْوَانِهِ وَيَعْمَلَ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِهِ عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ- تَعَالَى- مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى شَرْطِ كَذَا وَقَبَضَ هَذَا الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ جَمِيعَ هَذَا الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِهِ جَمِيعَ ذَلِكَ إلَيْهِ وَيَذْكُرُ ضَمَانَ الدَّرْكِ وَيُنْهِي الْكِتَابَ، فَإِنْ كَانَ الْكَرْمُ يَشْتَمِلُ عَلَى الْمَزَارِعِ كَتَبْتَ: هَذَا مَا دَفَعَ إلَيْهِ جَمِيعَ الضَّيْعَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْكُرُومِ وَالْمَزَارِعِ وَالنَّخْلِ وَالشَّجَرِ الْمُثْمِرِ مُعَامَلَةً وَمُزَارَعَةً فِي عُقْدَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ لَيْسَتْ إحْدَاهُمَا شَرْطًا فِي الْأُخْرَى وَيَحُدُّ الضَّيْعَةَ ثُمَّ تَقُولُ دَفَعَ فُلَانٌ إلَيْهِ أَوَّلًا جَمِيعَ مَا فِيهَا مِنْ الْكُرُومِ وَالشَّجَرِ الْمُثْمِرِ مُعَامَلَةً مُقَاطَعَةً خَمْسَ سِنِينَ مِنْ لَدُنْ غُرَّةِ شَهْرِ كَذَا مُعَامَلَةً بِالنِّصْفِ مُعَامَلَةً صَحِيحَةً لِيَقُومَ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَيَذْكُرُ الْقَبْضَ ثُمَّ يَقُولُ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ جَمِيعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمَزَارِعِ فِي عُقْدَةٍ أُخْرَى مُزَارَعَةً مُدَّةَ خَمْسِ سِنِينَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ أَرْضَهَا بِبَذْرِهِ مَا بَدَا لَهُ مِنْ غَلَّةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ وَيَذْكُرُ شَرَائِطَ الْمُزَارَعَةِ عَلَى حَسَبِ مَا بَيَّنَّاهُ وَيَقُولُ عِنْدَ ذِكْرِ الدَّرْكِ فَمَا أَدْرَكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ مِنْ دَرْكٍ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَسْلِيمُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِصَاحِبِهِ وَيُتِمُّ الْكِتَابَ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.